وهذا ما كتبه البديع اللوذعى والبارع الألمعى، الفاضل الفهَّامة الشيخ البردى:
سبحانك يا مُبِدئَ الإِنسان من مظهر الإِمكان، على أبدع إِتقان، وحمدًا لك حيث زيَّنتَ عرائس الأذهان بفرائد درر البيان في منصات التبيان.
وصلاةً وسلامًا على إِنسان عين الوجود ومرآة سر الشهود، وعلى آله وأصحابه وسائر أحبابه.
أما بعد:
فياذا الفضائل المعترف بها نبهاء العصر، ويا جامع أشتات الفواضل التي جلت عن الحصر، ويا من زَهَتْ به رتب الكمال، وحامت على بحر علمه العذْب طيور الآمال، ويا من ثبت الفضل لديه وارتسم، وعنه افتر الزمان وابتسم، واستقر أمر البلاغة لديه استقرار الطرس في يديه، ويا من أقام سوق المعارف على ساقها، وأبدع في انتظام مجالسها واتساقها، وأوضح رسمها، وأثبت في جبين عصره وسمها، ويا بديع الخطاب ورب الخُطب ويا زُهْرى الرواية وشقيق العرب، ويا سَليِقى الإِعراب وطرف الأدب، ويا غزير الفنون وذكى الغريزة وأجل مناظر بصحيح النظر، المصون بجوامع كلماته الوجيزة -أرسلت إِلىَّ كتابك الكريم فأقررتُ بمعجزه وألقيتُ له عصا التسليم.
ولما سرَّحتُ نظرى في دقائق مبانيه، وفرحت فكرى بالتأمل في عرائس معانيه قلتُ: عسى أن أصف من لطائف نكاته أو أبدى من يانع نضير تحقيقاته، فلله أنت من فصيح اقتطفت من ثمر فرائده باكورة البديع بحسن الصنيع، وتصيدت من همزات غصونه حمائم التسجيع بألحان التوقيع، وماذا أقول في تصنيفٍ كأنما هو سمر بين زهير ولبيد، وحبيب والوليد، وتدقيقات