للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقول، والشىء بالشىء يُذكر: نَقَل الشّهاب (١) في كتابه (شفاء الغليل فيما في لغة العرب من الدخيل) عن بعض حواشى (الكَشَّاف) (٢): "أن سيدنا عمر رضي الله عنه ضرب كاتبًا كتب بين يديه: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ولم يُبِّين السين يعني أنه كتبها من غير أسنان مثل كتابة بعض الأعاجم -فلما خرج الكاتب سُئِل عن سبب ضربه فقال: "في سين"، فصارت مثلًا يُضْرب في الأمر السهل يُعزَّر عليه الإِنسان" انتهى (٣).

[كتابة المصاحف بالخط الكوفى (خط الجزْم)]

هذا، وقد كانت الكتابة في المصاحف العثمانية وغيرها وكُتُبِ الحديث على صورة حروف الجزْم (٤) التي سُميت فيما بعد بالخط الكوفى، واستمرت على ذلك مدة تقرب من ثلاثة قرون، إِلى أن جاء ابن مُقْلة الوزير أبو على (٥)


(١) هو الشهاب الخفاجى، وقد سبق التعريف به ص ٥٧.
(٢) هو كتاب الكشًاف عن حقائق التنزيل، للإمام أبى القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشرى المتوفى سنة ٥٢٨ هـ (راجع مادة [الكشاف] من كشف الظنون جـ٢ ص ١٤٧٥).
(٣) شفاء الغليل فيما في لغة العرب من الدخيل ص ١٢٣ (الطبعة الحجرية)، ص ٣٠٢ (دار الشمال للطباعة، طرابلس، لبنان ١٩٨٧م).
(٤) راجع تعريف خط الجزم ص (٥١) حاشية (٣).
(٥) هو محمَّد بن علي بن الحسين بن مقلة، أبو على، وزير من الشعراء الأدباء، يضرب بحسن خطه المثل. ولد في بغداد سنة ٢٧٢ هـ وولى جباية الخراج في بعض أعمال فارس، ثم استوزره الخليفة العباسى المقتدر (٢٩٥ - ٣٢٠ هـ) سنة ٣١٦ هـ، ولم يلبث أن غضب عليه فصادره ونفاه إِلى فارس سنة ٣١٨ هـ. ثم استوزره القاهر بالله (٣٢٠ - ٣٢٢ هـ) فجىء به من بلاد فارس، فلم يكد يتولى الأعمال حتى اتهمه القاهر بالمؤامرة على قتله، فاختبأ سنة ٣٢١، واستوزره الراضى بالله (٣٢٢ - ٣٢٩ هـ) ثم نقم عليه سنة ٣٢٤ هـ فسجنه مدة وأخلى سبيله، ثم علم أنه كتب إِلى أحد الخارجين عليه يطمعه في دخول بغداد، فقبض عليه وقطع يده اليمنى فكان يشد القلم على ساعده ويكتب به، فقطع لسانه سنة ٣٢٦ هـ وسجنه، فلحقه في حبسه شقاء شديد، ومات في سجنه سنة ٣٢٨ هـ (راجع وفيات الأعيان جـ٥ ص ١١٣، ثمار القلوب للثعالبى ص ١٦٧ الأعلام جـ ٦ ص ٢٧٣).

<<  <   >  >>