للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هشام (١) وأمرهم أن ينسخوها في المصاحف، وجعل الرئيسَ عليهم زيدَ بن ثابت (٢) من الأنصار، وهم من قريش، فلهذا قال لهم عثمان: إِذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش، فإِن القرآن (يعني: معظمه) أُنزل بلسانهم ففعلوا. [ولم يختلفوا إِلا في رسم "التَّابُوت" (٣) -كما في (المُزْهِر) - فالأنصار كتبوه بالهاء، وقريش بالتاء] (٤)

فلما نسخوا الصحف ردها عثمان إِلى حفصة (٥) وأرسل إِلى كل أُفُق بمصحف مما نسخوا وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف الذى أَرسَل إِليهم به فذلك زمان حُرِّقت المصاحف بالنار، وكل الناس عرف فضل هذا الفعل إِلا ما كان من أهل الكوفة فإِن المصحف لما قدم عليهم من عند عثمان فرح به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - دون أصحاب ابن مسعود (٦) ومَن وافقهم، فإِنهم امتنعوا من ذلك، وعابوا الناس، فقام فيهم ابن مسعود وقال: ولا كل ذلك والله قد سُبِقْتُم سَبْقًا فاربَعُوا على ظَلعِكُمْ (٧).

ولمَّا قدم على رضي الله عنه الكوفة قام إِليه رجل فعاب عثمان بجمع الناس على مصحف فصاح به وقال: "اسكت، فَعَن ملأ مِنَّا فَعَل ذلك، فلو وُلّيتُ منه ما وَلِى عثمان لسلكتُ سبيله". انتهى ما نقلته من (الكامل) (٨) مع


(١) عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي القرشي المدني تابعي ثقة جليل القدر من أشراف قريش، وهو أحد الأربعة الذين عهد إِليهم عثمان بن عفان بنسخ المصحف لتوزيعه على الأمصار توفي في المدينة سنة ٤٣ هـ (تهذيب التهذيب جـ ٦ ص ١٥٦ - ١٥٨).
(٢) سبق التعريف به ص ٥٨.
(٣) وردت هذه الكلمة في الآية رقم (٢٤٨) من سورة البقرة.
(٤) المزهر جـ٢ ص ٧٣ وما بين القوسين [] منه كما صرح المؤلف بعد قليل.
(٥) سبق التعريف بحفصة رضي الله عنها ص٧٠.
(٦) سبق التعريف بابن مسعود ص ٦٩.
(٧) قيل: أصل قوله (اربع على ظلعك) من "ربعت الحجر" إِذا رفعته أي ارفعه بمقدار طاقتك هذا أصله ثم صار المعنى: ارفق على نفسك فيما تحاوله ولا تحمل عليها أكثر مما تطيق (اللسان - ظلع).
(٨) انظر ص (٦٨) هامش رقم (١).

<<  <   >  >>