المسلم على خوض غمار التجربة وتقديم بحث أكثر أصالة وأعمق تعبيرا عن هذه الواقعة التاريخية المتفردة.
«لنحاول أن نقرّب المسألة أكثر، إنّ العمل المعماري الكبير إذا أقيم على أسس خاطئة فإنّه سيفقد شرطين من شروطه الأساسية: التأثير الجمالي الذي يمكنه من أداء وظيفته الوجدانية، والمقوّمات العلمية التي تمكنه من أداء وظيفته العملية» .
«إنّ البحث في (السيرة) بوجه خاصّ، ليستلزم أكثر من أيّ مسألة أخرى في التاريخ البشري هذين الشرطين اللذين يمكن أن يوفّرهما منهج متماسك سليم، يقوم على أسس علمية موضوعية لا تخضع لتحزّب أو ميل أو هوى، ويمتلك عناصر جماليته الخاصة التي تليق بمكانة الرّسول المتفرّدة صلى الله عليه وسلم ودوره الخطير في إعادة صياغة العالم بما يردّ إليه الوفاق المفقود مع نواميس الكون والحياة، وقد كانت مناهج البحث الغربي (الاستشراقي) في السيرة تفتقر إلى أحد هذين الشرطين أو كليهما، وكانت النتيجة أبحاثا تحمل اسم السيرة وتتحدّث عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتحلّل حقائق الرسالة، ولكنها يقينا- تحمل وجها وملامح وقسمات مستمدّة من عجينة أخرى غير مادة السيرة، وروحا أخرى غير روح النبوّة، ومواصفات أخرى غير مواصفات الرسالة.
«إنّ نتائجها تنحرف عن العلم لأنّها تصدر عن الهوى، وتفقد القدرة على مسامتة عصر الرسالة وشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ونقل تأثيراتهما الجمالية بالمستوى العالي نفسه من التحقّق التاريخي؛ لأنّها تسعى لأن تخضع حقائق السيرة لمقاييس عصر تنسخ كل ما هو جميل، وتزيّف كلّ ما هو أصيل، وتميل