ما كتب، وما سيكتب لا يعدو أن يكون محاولات للمقاربة في نهاية الأمر.
ولعلّ هذه المسألة الأساسية، إلى جانب عوامل ثانوية أخرى، هي التي جعلت المؤلّف يتردّد حينا من الزمن في الكتابة عن الموضوع، لولا أنّ إلحاح المخلصين، وإلحاح الحاجة إلى مؤلّف بالعربية يتعامل مع الأجيال الجديدة على مستوى المنهج واللغة دون وقوع في سلبيّات المحاولات المعاصرة، فضلا عن تمرّس الندوي في كتابة الترجمة التاريخية، هي التي تغلبت في نهاية الأمر وجعلت الرجل يقدم على تنفيذ المشروع.
٥- هنالك أيضا محاولة لتحقيق توازنات بين ثنائيات شتى وبخاصة:
أ- الموضوعية والوجدان الدينيّ.
ب- العلمية والضرورات التربوية.
ج- التوجّه بالخطاب إلى المسلم وغير المسلم.
فلا يكفي، بالنسبة للمسألة الأولى أن يكون الباحث في السيرة (موضوعيا) ، أي أن يتعامل معها من الخارج، بل لا بدّ أن تكون هناك مساهمة على مستوى الذات.. مشاركة وجدانية تقرّب الباحث أكثر فأكثر من صميم حدث تاريخيّ ليس كالأحداث، وتجعله ينفعل به ويقدّر بالتالي طبيعته التكوينية.. نبضه وإيقاعه.. يلمس، قدر ما يستطيع، الخيوط التي نسجتها فيعرف مكوناتها.
وهذا بالنسبة للسيرة بالذات، ليس نقيض الموضوعية، بل هو مع الموضوعية ومن شروطها، فإنّ النبوّة ليست تجربة وضعية الاندماج والتأثّر، والمعايشة الوجدانية، بل هي من ضرورات الإدراك والمقاربة، ومن ثم كان المؤرّخ المسلم، المتسلّح- طبعا- بسلاح المنهج العلمي؛ أقدر من غير