للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرّقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها؟ فقالوا: الحقي بزوجك إن شئت، فردّ بنو الأسد إليّ عند ذلك ابني، فارتحلت بعيري، ثمّ أخذت ابني فوضعته في حجري، ثمّ خرجت أريد زوجي بالمدينة، وما معي أحد من خلق الله، حتّى إذا كنت ب «التنعيم» لقيت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة أخا بني عبد الدّار، فقال: إلى أين يا ابنة أبي أمية؟

قلت: أريد زوجي بالمدينة.

قال: أو ما معك أحد؟

قلت: ما معي أحد إلّا الله وابني هذا.

فقال: والله ما لك من مترك، فأخذ بخطام البعير، فانطلق معي يهوي بي، فو الله ما صحبت رجلا من العرب قطّ أرى أنّه كان أكرم منه، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي، ثمّ استأخر عنّي، حتّى إذا نزلت استأخر ببعيري، فحطّ عنه، ثمّ قيده في الشجر، ثمّ تنحّى إلى شجرة، فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح، قام إلى بعيري فقدّمه، فرحله، ثمّ استأخر عنيّ وقال: اركبي، فإذا ركبت فاستويت على بعيري، أتى فأخذ بخطامه، فقادني حتّى ينزل بي، فلم يزل يصنع ذلك بي حتّى أقدمني المدينة، فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف ب «قباء» قال: زوجك في هذه القرية- وكان أبو سلمة بها نازلا- فادخليها على بركة الله، ثمّ انصرف راجعا إلى مكة.

فكانت تقول: ما أعلم أهل بيت في الإسلام، أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة، وما رأيت صاحبا قطّ كان أكرم من عثمان بن طلحة «١» .


(١) وأسلم عثمان بن طلحة هذا بعد الحديبية، وهاجر، ودفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح مفاتيح الكعبة (ابن كثير؛ ج ٢، ص ٢١٥- ٢١٧) .

<<  <   >  >>