للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصناعة، والوقود، وعلف الدوابّ «١» .

ولتمر المدينة أنواع كثيرة، وتفاصيل دقيقة تصعب الإحاطة بها «٢» .

ولأهل المدينة تجارب وطرق في تنمية حاصل النخيل وتحسينه استفادوها من طول المراس، منها تأبير النخل «٣» .

هذا لا ينفي وجود حركة تجارية في المدينة، ولكنّها لم تكن في القوّة والانتشار بمكانة الحركة التجارية في مكة، إذ كان اعتماد أبناء الوادي- وهي غير ذي زرع ومياه وفيرة- على التّجارة ورحلة الشّتاء والصّيف.

وكانت في المدينة بعض الصّناعات يمارس أكثرها اليهود، ولعلّهم جلبوها من اليمن، فلم يزالوا فيه إلى أن غادروه في الزمن الأخير، حاذقين في الصناعات، وكان عامة بني قينقاع صاغة، وكانوا أغنى طوائف اليهود في مدينة يثرب، وكانت بيوتهم تحتوي على الأموال الطائلة، والحليّ الكثيرة من الفضّة والذهب، مع أنّ عددهم كان غير كثير «٤» .

وقد منح الله أرض يثرب، وهي بركانية التربة، خصبا زائدا، وهي ذات


(١) اقرأ شرح الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه (في كتاب العلم، وترجم له: «باب طرح الإمام المسألة على الناس ليختبر ما عندهم من العلم» ) [برقم (٦١) ] في «فتح الباري» ، للحافظ ابن حجر العسقلاني، أو «عمدة القاري» للعيني [وأخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب مثل المؤمن مثل النخلة، برقم (٢٨١١) ] .
(٢) تدلّ الثروة اللغوية الكبيرة التي تدور حول النخلة والتمر، على ما كانت تشغله هذه الشجرة وثمرتها من مكان في حياة العرب عامة وأهل المدينة خاصة، وما كان لهما من أهمية، راجع على سبيل المثال «أدب الكاتب» لابن قتيبة و «فقه اللغة» للثعالبي، و «المخصّص» لابن سيده؛ وقد أفرد عدد من العلماء كتبا للنخل.
(٣) التأبير: هو أن يشقّ طلع النخلة ليذر فيه شيء من طلع ذكر النخل، (شرح مسلم للنووي) .
(٤) اليهود في بلاد العرب: ص ١٢٨.

<<  <   >  >>