للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وديان كثيرة، تفيض بمياه السيول، فتروي أرضها وتسقي النخل والزروع، اشتهر منها وادي العقيق «١» ، الذي كان متنزّه المدينة، وكان يتدفّق بالماء، ويزهو بالبساتين، وكانت الأرض صالحة لحفر الآبار، وقد كثرت فيها البساتين، ومنها ما هو مسوّر ويسمّيه أهل المدينة «الحائط» «٢» .

واشتهرت آبار كثيرة بعذوبة الماء ووفرته، وكانت لهم شراج «٣» ، وكانوا يحوّلون الماء بالمساحي إلى حدائقهم «٤» .

وكان من الحبوب الرئيسيّة الشعير، ثم القمح، وتكثر الخضراوات والبقول، وكانت لهم طرق في المزارعة، والمؤاجرة، والمزابنة، والمحاقلة، والمخابرة، والمعاومة، منها ما أقرّه الإسلام ومنها ما منعه أو أصلحه «٥» .


(١) اقرأ «معجم البلدان» لياقوت الحموي؛ و «الأغاني» لأبي الفرج الأصبهاني.
(٢) اقرأ قصة ابتلاء كعب بن مالك في الجامع الصحيح للبخاري (كتاب المغازي) وقد جاء فيه: «حتى إذا طال على ذلك من جفوة الناس مشيت حتى تسوّرت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمّي» [انظر تخريجه المفصّل في هذا الفصل، ص ٤٩٢] .
(٣) الشرجة: هي مسيل الماء.
(٤) اقرأ حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم، وجاء فيه: «اسق حديقة فلان» ، وجاء فيه ذكر الشراج، وتحويل الماء بالمسحاة [أخرجه مسلم في كتاب الزهد، باب فضل الإنفاق على المساكين وابن السبيل، برقم (٢٩٨٤) ، وابن حبان في الصحيح (٨/ ١٤٢) برقم (٣٣٥٦) ، وأحمد في المسند (٢/ ٢٩٦) ] .
(٥) اقرأ أبواب الحرث والمزارعة في الصحاح: و «المزابنة» : بيع التمر في رؤوس النخل بالتمر كيلا، و «المحاقلة» : بيع الزرع في سنبله، الشعير بشعير كيلا، والقمح بقمح كيلا، و «المخابرة» و «المزارعة» متقاربتان؛ وهما المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها من الزرع؛ كالثلث، والربع، لكن في المزارعة يكون البذر من مالك الأرض، وفي المخابرة يكون البذر من العامل، وقال جماعة من أهل اللغة: هما بمعنى، وفي صحة المزارعة والمخابرة خلاف مشهور للسلف والخلف؛ (مستفاد من شرح النووي لمسلم) . «والمعاومة» : هو بيع السنين، ومعناه: أن يبيع ثمر الشجرة عامين؛ أو ثلاثة أو أكثر.

<<  <   >  >>