للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن دينها، وتأبى أن تعترف بأن يوجد نبيّ من غير بني إسرائيل» «١» .

هذا، وقد زاد اليهود غيظا وحقدا على الإسلام أنّه أسلم بعض أحبار اليهود وعلمائهم، كعبد الله بن سلام «٢» ، وكان ذا مكانة عالية عندهم، ولم يكونوا يتوقّعون أن يدخل مثله في الإسلام، فأثار ذلك الحقد الدفين فيهم «٣» .

ولم يقتصر اليهود على مخالفة الإسلام، والابتعاد عنه، بل تعدّوا ذلك إلى تفضيل عبادة أوثان المشركين على المسلمين؛ الذين يلتقون معهم على عبادة الإله الواحد، ونبذ الأوثان والأصنام، وكان من المعقول المنتظر أنّهم إذا طلبت منهم المفاضلة بين دين قريش، والدين الذي يدعو إليه محمد صلى الله عليه وسلم، على ما كان من خلاف بينهم وبين المسلمين- أن يشهدوا بفضل الإسلام على الوثنيّة، ولكنّ عداء الإسلام لم يسمح لهم بذلك، فقد روي أنّ قريشا قالت لعلماء اليهود الذين زاروهم في مكة: «يا معشر اليهود! إنّكم أهل الكتاب الأوّل، والعلم بما أصبحنا نختلف فيه، نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟!، قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحقّ» «٤» .


(١) تاريخ اليهود في بلاد العرب: (ولفنسون- ص ١٢٣) .
(٢) [انظر قصة إسلام عبد الله بن سلام في «الجامع الصحيح» أخرجها البخاري، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، في كتاب التفسير، باب مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ برقم (٤٤٨٠) ] .
(٣) ويبلغ عدد من أسلم من اليهود وكان له شرف الصحبة ٣٩ رجلا، جاءت أسماؤهم وتراجمهم في كتب طبقات الصحابة؛ كتاب «الإصابة» و «الاستيعاب» و «أسد الغابة» وغيرها، منهم بعض كبار العلماء وأجلة الصحابة، اعتمدنا في عدد المسلمين من أهل الكتاب على إحصاء مؤلف كتاب «الصحابة والتابعون من أهل الكتاب» للأستاذ مجيب الله الندوي، طبع دار المصنفين، أعظم كره (الهند) .
(٤) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ٢١٤.

<<  <   >  >>