للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكلّم الناس بعضهم بعضا، والتقوا فتفاوضوا في الحديث، والمنازعة، فلم يكلّم أحد بالإسلام يعقل شيئا إلا دخل فيه، ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر» «١» .

قال ابن هشام: «والدليل على قول الزهريّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى الحديبية في ألف وأربعمئة، في قول جابر بن عبد الله، ثمّ خرج في عام فتح مكّة بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف» «٢» .

واستفاد بهذه الهدنة المستضعفون في مكّة، وقد أسلم على يد أبي جندل عدد كبير من أبناء قريش في مكّة، وضاقت قريش ذرعا بهذا الداعي إلى الإسلام، وانتشار الإسلام في مكّة.

ولحقوا بأبي بصير، وصار مركز دعوة وقوة للإسلام، وتكلّمت في شأنهم قريش، وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلحقهم به في المدينة، ففعل، ونجوا من الضيق الذي كانوا فيه بمكّة، وكان كلّ ذلك من حسنات هذا الصلح وفوائد هذه الهدنة «٣» .

وكان من فوائد الموقف المسالم الذي وقفه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بدا منه من زهد في الحرب، ورغبة في الصلح، وحلم وأناة أن تغيّرت نظرة القبائل العربية التي لم تدخل في الإسلام بعد، إلى الدين الجديد، والداعي إليه، ونشأ في نفوسهم إجلال للإسلام وتقدير له لم يكن من قبل، وكانت فائدة دعويّة لا يستهان بقيمتها وإن لم تكن مقصودة، سعى إليها الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون.


(١) سيرة ابن هشام: ج ٢، ص ٣٢٢.
(٢) المصدر السابق: ج ٢، ص ٣٢٢.
(٣) راجع «زاد المعاد» : ج ١، ص ٣٨٨- ٣٨٩.

<<  <   >  >>