الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين وخاتم النبيين، محمّد وآله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمّا بعد؛ فقد كانت السيرة النبوّية- على صاحبها الصلاة والسّلام- المدرسة الأولى التي تعلّم فيها مؤلف هذا الكتاب، وقد دخلها في سنّ مبكّرة، لا يدخل فيها الأطفال في عامة الأحوال، والفضل في ذلك يرجع إلى الجوّ الذي كان يسود بيته وأسرته، فقد كانت السيرة تكوّن عنصرا أساسيا في الثقافة التي يتلقّاها أبناء الأسرة وأطفال البيت، وإلى المكتبة الصغيرة البسيطة المؤلّفة من منظوم ومنثور، التي كانت تنتقل من يد إلى يد، ثم إلى تربية أخيه الأكبر الدكتور السيد عبد العلي الحسني، وتوجيهه الحكيم، فقرأ في صباه أفضل ما كتب في السيرة النبوية في «أردو» - لغة مسلمي الهند-، وهي أغنى لغات العالم الإسلامي بعد اللغة العربية في موضوع السيرة، وهي تحتوي على أقوى وأجمل ما كتب فيها في العصر الأخير «١» .
ثم لمّا صار يشدو باللغة العربية عكف على كتب السيرة، التي ألّفت
(١) اقرأ قصة صلة المؤلف بكتب السيرة، وتأثيرها في ثقافته وعقليته وسيرته في كتاب «الطريق إلى المدينة» المقال الأول بعنوان «الكتاب الذي لا أنسى فضله» ص (١٥) من طبعة دار ابن كثير بدمشق.