للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي سنة ٣٢٥ م عقد مجمعا في نيقية اجتمع فيه ٢٠٣٠ أسقفا، وكان الإمبراطور يميل إلى ألوهية المسيح فحكم ضدّ «أريوس» رغم أن أغلبية الحاضرين كانت تؤيد «أريوس» ، ولم يوافقه إلا ٣١٨ أسقفا، فنفاه إلى إليريا) Illyria (وأحرقت كتاباته، وكان من وجدت عنده يعاقب.

ولكنّ هذه المحاولات لم تقلّل من أهميّة «أريوس» وإقبال الناس عليه، وكان آخر أمره أنّ «قسطنطين» لان في موقفه ورفع الحظر على عقيدته، وبعد موت منافسه الأكبر ألكساندر ونفي خليفته) Athanasius (عاد «أريوس» إلى الإسكندرية، وكاد «قسطنطين» يولّيه رئاسة الكنيسة المصرية، ويدين بعقيدته، ولكن باغتته المنية قبل ذلك «١» .

وقد جاء في كتاب «الصّراع بين الدين والعلم» ل «درابر» أنّ ثلاثة عشر مجمعا مسيحيا حكمت ضدّ «أريوس» في القرن الرابع المسيحيّ، وخمسة عشر مجمعا حكمت في تأييده، وسبعة عشر مجمعا أدلت برأي قريب من رأي «أريوس» ، وهكذا عقدت خمسة وأربعون مجمعا للتقرير في هذه القضية.

والحقّ أنّ العالم المسيحيّ لم يكن له عهد بعقيدة التثليث السائدة الآن قبل القرن الرابع، وقد جاء في دائرة المعارف الكاثوليكيّة الجديدة: «أنّه لم يرفع الستار عن تطوّر عقيدة التثليث وسرّها إلا في المنتصف الثاني للقرن التاسع عشر الميلاديّ.. وكلّ من يتحدّث عن عقيدة التثليث المطلقة، إنّما ينتقل من فجر التاريخ المسيحيّ إلى ربع القرن الرابع الأخير، فإنّ القول بأنّ الإله الواحد له ثلاثة مظاهر لم يتغلغل في أحشاء العالم المسيحيّ في حياته وفكره إلّا في هذه الفترة الزمنيّة» «٢» .


(١) دائرة معارف الديانات والأخلاق: مقال.) Arianism (
The new catholic Encyclopedia (٢) مقال «التثليث المقدس» ، ج ١٤، ص ٢٩٥.

<<  <   >  >>