للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانطلقا تعادي بهما خيلهما حتّى وجدا المرأة بذلك المكان، فاستنزلاها وقالا: معك كتاب؟ فقالت: ما معي كتاب! ففتّشا رحلها فلم يجدا شيئا، فقال لها عليّ- رضي الله عنه-: أحلف بالله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا، والله لتخرجنّ الكتاب، أو لنجرّدنك، فلمّا رأت الجدّ منه، قالت:

أعرض، فأعرض، فحلّت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منها، فدفعته إليهما، فأتيا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم.

فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبا، فقال: «يا حاطب ما هذا» فقال: لا تعجل عليّ يا رسول الله، والله إنّي لمؤمن بالله ورسوله، وما ارتددت، ولا بدّلت، ولكنّي كنت امرأ ملصقا في قريش، لست من أنفسهم، ولي فيهم أهل وعشيرة وولد، وليس لي فيهم قرابة يحمونهم، وكان من معك لهم قرابات يحمونهم، فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي، فقال عمر بن الخطاب: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فإنّه قد خان الله ورسوله، وقد نافق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّه شهد بدرا، وما يدريك يا عمر! لعلّ الله قد اطّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم» ! فذرفت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم «١» .

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان سنة ثمان من المدينة ومعه عشرة


(١) زاد المعاد: ج ١، ص ٤٢١- وقد وردت القصة في الصحاح [انظر هذه القصة فيما أوردها البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة الفتح، برقم (٤٢٧٤) ، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل حاطب بن أبي بلتعة ... ، برقم (٢٤٩٤) ، وأبو داود في كتاب الجهاد، باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلما، برقم (٢٦٥٠) و (٢٦٥١) ، والترمذي في أبواب تفسير القرآن، في سورة الممتحنة، برقم (٣٣٠٥) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه] .

<<  <   >  >>