للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو أولادهم وأفراد أسرهم من ولادة وموت وصحّة ومرض، وذلك مدخل قديم، دخل منه الشّرك وتقديس العباد في الأمم السابقة، فنفى هذا الأسلوب من التفكير الجاهليّ، وأوضح الحقيقة، وشرع لذلك صلاة مخصوصة- هي صلاة الخسوف- لتوثيق الصلة بالله تعالى وعبادته واقتلاع هذه الجرثومة الجاهليّة من النفوس والعقول.

وكذلك لم يسعه السكوت حين قال رجل: ما شاء الله وشئت، فقال صلى الله عليه وسلم: «أجعلتني لله ندّا» ، وقال رجل- وهو يخطب-: «من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى» ، فقال: «بئس خطيب القوم أنت» «١» .

وفي هذه المواقف يتجلّى «الموقف النبويّ» وما يمتاز به الأنبياء عن القادة والزعماء وعظاماء البشر، من تجرّد عن الأنانيّة، واستغلال الحوادث وضعف العقول في صالحهم، والسماح للمدح والإطراء «٢» ، ولو تخطّى الحدود، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام الأنبياء في ذلك والأسوة الكاملة، وقد قال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنّما أنا عبده، فقولوا:

عبد الله ورسوله» «٣» .


(١) [أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (٨٧٠) ، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الرجل يخطب على قومه، برقم (١٠٩٩) ، والنسائي في كتاب النكاح، باب ما يكره من الخطبة، برقم (٣٢٨١) من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه] .
(٢) [الإطراء: مجاوزة الحدّ في المدح والكذب فيه] .
(٣) [أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها، برقم (٣٤٤٥) ، والترمذي في «الشمائل» باب تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (٣٢٨) ، والدارمي في كتاب الرقاق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تطروني» برقم (٢٦٨٢) ] .

<<  <   >  >>