للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلل موجودة في كثير من الأذهان، فإنه يكون في الحب العظيم قناطير مقنطرة من الزيت. ولا يمكنهم صيانته عن الواقع، فالعسر والحرج بتنجيس هذا عظيم جداً. ولهذا لم يرد في تنجيس الكثير أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن الصحابة.

وأختلف قول الإمام أحمد في تنجس الكثير، وأما القليل فإنه ظن صحة حديث معمر فأخذ به. وقد أطلع غيره على العلة القادحة فيه، ولو أطلع عليها لم يقل به. وروى عن ابن عباس أنه سئل عن فأرة كانت في سمن؟ قال: تؤخذ الفأرة وما حولها. قلت: يا مولانا إن أثرها في السمن كله؟ فقال للسائل عضضن بهن ابيك؟ إنما كان أثرها في السمن وهي حية وإنما ماتت حيث وجدت. وعن أبي حزن بن أبي السود الدؤلى قال: سئل ابن مسعود عن فأرة وقعت في سمن فقال: إنما حرم من الميتة لحمها ودمها. قلت: فقول معمر ((فلا تقربوه)) متروك عند عامة السلف والخلف، فإن جمهورهم يجزون الاستصباح به، وكثير منهم يجوز بيعه أو تطهيره، وهذا مخالف لقوله ((فلا تقربوه)) ثم ذكر مذهب مالك وغيره في الماء وأنه لا يندس عند مالك بوقوع النجاسة إذا لم يتغير. وذكر عن الغزالي أنه قال: وددت أن مذهب الشافعي في المياه كمذهب مالك - إلى أن قال - وفي الجملة هذا القول هو الصواب. وذلك أن الله تعالى حرم الخبائث التى هي الميتة، والدم، ولحم الخنزير ونحو ذلك، فإذا وقعت هذه في الماء أو غيره واستهلكت لم يبق هناك دم ولا ميتة ولا لحم خنزير اصلاً، كما أن الخمر إذا أستهلكت في المائع لم يكن الشارب لها شارباً للخمر، إذا أستحالت بنفسها وصارت خلاً كانت طاهرة بالاتفاق.

وهذا على أصل من يقول: إن النجاسة إذا أستحالت طهرت، وهذا قوى كما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأهل الظاهر، وأحد القولين

<<  <   >  >>