في مذهب مالك وأحمد. فإن انقلاب النجاسة ملحاً ورماداً ونحو ذلك هو كانقلابها ماء، فلا فرق بين أن يستحيل ملحاً أو رماداً أو ماءً أو هواءاً ونحو ذلك. وهذه الأدهان والألبان والأشربة الحلوة والحامضة وغيرها من الطيبات والخبيثة قد أستهلكت واستحالت فيها، فكيف يحرم الطيب الذى أبيح؟ وإذا قيل: إنه خالطه الخبيث فحرم.
فالجواب عنه: أن بئر بضاعة لما ذكر له عليه الصلاة والسلام أنه يلقى فيه الحيض ولحوم الكلاب، فقال عليه الصلاة والسلام:((الماء طهور ولا ينجسه شئ - وقال: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)) .
وفي لفظ ((لم ينجسه شئ)) إلى أن قال: ومن سوى بين الماء والمائعات كإحدى الروايتين عن أحمد، وقال بهذا القول هو رواية عن أحمد يعني بعدم تنجس الماء القليل إذا لم يتغير، قال في المائعات كذلك، كما قاله الزهري وغيره.
فهؤلاء لا ينجسون شيئاً من املائعات إلا بالتغير، كما ذكره البخاري لكن المشهور عن أحمد اعتبار القلتين في الماء، وكذلك في المائعات إذا سويت به. أنتهى ملخصاً. وقد أطنب وفصل فمن أراد كمال الإطلاع على هذا المفضل، فعليه الكتاب المفصل.
وفي شرح العيني لصحيح البخاري عند حديث: سئل عن فأرة سقطت في سمن فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم)) ما نصه: أن الجمهور ذهبوا إلى نجاسة المائع بوقوع النجاسة فيه، وإذا كان جامداً يطرح ما حول النجس وشد قوم فجعلوا المائع كله كالماء. وسلك داود ابن على مسلكهم. أنتهى.
فقد تبين لك أن الشيخ ابن تيميه لم ينفرد بهذا القول لما سرد من أدلته النقلية والعقلية، فافهم والله تعالى أعلم.