النسبة وانتفاؤها في الواقع، والأخيران ليسا كلاماً اتفاقاً، والأول يمكن أن يكون كلام الله حقيقة على مذهبهم، فبقى الثاني، وكذا تقول في الأمر والنهي ههنا ثلاثة أمور: الأول - الإرادة والكراهة الحقيقية.
الثاني - اللفظ الصادر عنه.
الثالث - مفهوم لفظه ومعناه. والأول ليس كلاماً اتفاقاً. والثاني كذلك على مذهبهم، فبقى الثالث وبه صرح أكثر محققيهم. وكونه كلاماً نفسياً ثابتاً لله - تعالى شأنه - محكوماً عليه بأحكام مختلفة باطل من وجوه: الأول - أنه مخالف للعرف واللغة، فإن الكلام فيها ليس إلا المراكب من الحروف.
الثاني - أنه لا يوافق الشرع، إذ قد ورد فيما لا يحصى كتاباً وسنة أن الله تعالى ينادى عباده، ولا ريب أن النداء لا يكون إلا بصوت، بل قد صرح به في الأخبار الصحيحة، وباب المجاز وغن لم يغلق بعد إلا أن حمل ما يزيد على نحو مائة ألف من الصرائح على خلاف معناها مما لا يقبله العقل السليم.
الثالث - أن ما قالوه من كون هذا المعنى النفسي واحداً يخالف العقل، فإنه لا شك أن مدلول اللفظ في الأمر يخالف مدلوله في النهي، ومدلول الإنشاء، بل مدلول أمر مخصوص غير مدلول أمر أخر، وكذا في الخبر. ولا يرتاب عاقل أن مدلول اللفظ لا يمكن أن يكون غير القرآن وسائر الكتب السماوية، فيلزم أن يكون كل واحد مشتملاً على ما أشتمل عليه الآخر، وليس كذلك، وكيف يكون معنى واحداً خبراً وإنشاء محتملاً للتصديق والتكذيب، وغير محتمل، وهو جمع بين النفي والإثبات. أهـ.
ولا يخفى أن مبنى جميع أعتراضاته على فهمه أن مرادهم بالمعنى النفسي هو مدلول اللفظ وحده، أى المعنى المجرد عن مقارنة اللفظي مطلقاً ولو حكمياً.