كلاماً، بل لا يقتضيه عقل ولا نقل، على انه لا يحتاج إليه، عند من أخذت العناية بيديه. هذا، وإذا سمعت ما تلوناه، ووعيت ما حققناه فاسمع الآن تحقيق الحق، في كيفية سماع موسى - عليه السلام - كلام الحق.
فأقول: الذي أنتهى إليه كلام ائمة الدين، كالماتريدي والأشعري وغيرها من المحققين: أن موسى - عليه السلام - سمع كلام الله تعالى بحرف وصوت كم تدل عليه النصوص التى بلغت في الكثرة مبلغاً لا ينبغي معه تأويل، ,لا يناسب في مقابلته قال وقيل، بل قد ورد إثبات الصوت لله تعالى شأنه في أحدايث لا تحصى، واخبار لا تستقصى. وروى البخاري في الصحيح:((يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان)) . ومن علم أن الله الحكيم أن يتجلى بما شاء وكيف شاء، وانه منزه في تجليه، قريب في تعاليه، لا تقيده المظاهر عند أرباب الأذواق، إنه لخ الإطلاق الحقيقي حتى عن قيد الإطلاق، زالت عنه إشكالات، واتضحت لديه متشابهات، ومما يدل على ثبوت التجلى في المظهر لله تعالى قول ابن عباس، ترجمان القرآن في قوله تعالى:{أن بورك من النار}[النمل ٨] كما الدر المنثور. يعني تبارك وتعالى نفسه، كان نور رب العالمين في الشجرة. وفي رواية عنه ((كان الله في النور ونودي من النور)) وفي صحيح مسلم: ((حجابه النور)) وفي رواية له ((حجابه النار)) ودفع الله تعالى توهم التقييد بما ينافي التنزيه بقوله: {وسبحان الله} أي عن التقييد بالصورة والمكان والجهة وإن نادى، لأنه لكونه موصوفاً بصفة رب العالمين فلا يكون ظهوره المتجلي {أنا الله العزيز} فلا أتقيد لعزتى ولكني {الحكيم} فاقتضت حكمتى الظهور والتجلي في صورة مطلوبك. فالمسموع على هذا حرف وصوت سمعهما موسى من الله تعالى المتجلي بنوره في مظهر النار لما اقتضاه الحكمة،