فهو - عليه السلام - كليم الله بلا واسطة لكن من وراء حجاب مظهر النار، وهو عين تجلى الحق تعالى له.
اما ما شاع عن الأشعري من القول بسماع النفسي القائم بذاته تعالى فهو من باب التجويز والإمكان، لا أن موسى - عليه السلام - سمع ذلك بالفعل، إذ هو خلاف البرهان. ومما يدل على جواز سماع الكلام النفسي بطريق خرق العادة قوله تعالى في الحديث القدسي:((ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به)) الحديث ومن الواضح أن الله تعالى إذا كان بتجليه النوري المتعلق بالحروف غيبية كانت أو خيالية أو حسية - سمع العبد على الوجه اللائق الجامع أ ((ليس كمثله شئ)) عند من يتحقق معنى الإطلاق الحقيقي، صح أن يتعلق سمع العبد بكلام ليس حروفه عارضة لصوت، لأنه بالله يسمع إذ ذاك، واله سبحانه يسمع السر والنجوى.
والإمام الماتريدي أيضاً يجوز سماع ما ليس بصوت على وجه خرق العادة كما يدل عليه كلام صاحب التبصرة في كلام التوحيد، فما نقله ابن الهمام عنه من القول بالاستحالة العادية فلا خلاف بين الشيخين عند التحقيق.
ومعنى قول الأشعري: إن كلام الله تعالى القائم بذاته يسمع عند تلاوة كل تالٍ وقراءة كل قارئٍ - أن المسموع أولاً وبالذات عند التلاوة إنما هو الكلام اللفظي الذى حروفه عارضة لصوت القارئ بلا شك، لكن الكلمات اللفظية صور الكلمات الغيبية القائمة بذات الحق، فالكلام النفسي مسموع بعين سماع الكلام اللفظي، لأنه صورته لا من حيث الكلمات الغيبية فإنها لا تسمع إلا على طريق خرق العادة.
وقول الباقلاني: إنما نسمع التلاوة، دون المتلو، والقراءة دون المقروء يمكن حمله على انه أراد إنما يسمع أولاً وبالذات التلاوة، أى المتلو اللفظي الذى حروفه