للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عارضة لصوت التالي، لا النفسي الذى حروفه غيبية مجردة عن المواد الحسية والخيالية، فلا نزاع في التحقيق أيضاً.

والفرق بين سماع موسى - عليه السلام - سمع من اله عز وجل بلا واسطة لكن من وراء حجاب، ونحن إنما نسمعه من العبد التالي بعين سماع الكلام اللفظي المتلو بلسانه العارض من حروفه لصوته، لا من الله تعالى المتجلى من وراء حجاب العبد فلا يكون سماعاً من الله بلا واسطة. وهذا واضح عند من له قدم راسخةفي العرفان، وظاهر عند من قال بالمظاهر من تنزيه الملك الديان. وأنت إذا أمعنت النظر في قول أهل السنة: القرآن كلام الله عز وجل غير مخلوق وهو مقروء بالسنتنا مسموع بآذاننا، محفوظ في صدورنا، مكتوب في مصاحفنا غير حال في شئ منها رايته قولاً بالمظاهر، ودلا على أن تنزل القرآن القديم القائم بذاته تعالى فيها غير قادح في قدمه، لكونه غير حال في شئ منها مع كون كل منها قرآناً حقيقة شرعية بلا شبهه.

وهذا عين الدليل على ان تجلي القديم في مظهر حادث لا ينافي قدمه وتنزيهه، وليس من باب الحلول والتجسيم، ولا قيام الحوادث بالقديم، ولا ما يشاكل ذلك من شبهات تعرض لمن لا رسوخ له في هاتيك المسالك، ومنه يظهر معنى القرآن في صورة الرجل الصاحب يلقى صاحبه حين ينشق عنه القبر، وظهوره خصماً لمن حمله، فخالف أمره، وخصماً دون من حمله فحفظ الأمر، بل من احاط خبراً بأطراف ما ذكرناه، وطاف فكره المتجرد عن مخيط الهوى في كعبة حرم ما حققناه - أندفع عنه كل غشكال في هذا الباب.

وحيث تحرر الكلام في الكلام على مذهب أهل السنة، واندفع عنه بفضل الله تعالى كل محنة، فلا باس بأن نحكى بعض الأقوال (فنقول) :

<<  <   >  >>