للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنهم لم يكونوا يقولون ذلك، وإن قالوا بقدم الإفلاك، وأرسطو أول من قال بقدمها من الفلاسفة المشائين، بناء على إثبات علة غنائية لحركة الفلك بتحرك الفلك للتشبيه بها لم يثبتوا له فاعلاً مبدعاً، ولم يثبتوا ممكناً قديماً واجباً بغيره.

وهم وغن كانوا أجهل بالله تبارك وتعالى وأكفر من متأخريهم، فهم يسلمون لجمهور العقلاء أن ما مكناً بذاته فلا يكون محدثاً مسبوقاً بالعدم. فاحتاجوا أن يقولوا: كلامه مخلوق منفصل عنه. وطائفة وافقتهم على امتناع وجود مالا نهاية له، لكن قالوا له: تقوم به الأمور الاختيارية فقالوا: إنه في الأزل لم يكن متكلماً، بل ولا كان الكلام مقدوراً له، ثم صار متكلماً بلا حدوث حادث بكلام بقوم به، وهو قول الهاشمية والكرامية وغيرهم.

وطائفة قالت: إذا قال القرآن غير مخلوق فلا يكون إلا قديم العين لازماً لذات الرب سبحانه، فلا يتكلم بمشيئته وقدرته.

ثم منهم من قال: هو معني واحد قديم، فجعل ىية الكرسي، وآية الدين، وسائر أيات القرآن والتوراة والأنجيل، وكل كلام يتكلم الله به - معنى واحداً لا يتعدد ولا يتبغض.

ومنهم من قال: إنه حروف وأصوات مقترنة لازمة للذات.

وهؤلاء أيضاً وافقوا الجهمية والمعتزلة في أصل قولهم: إنه متكلم بكلام لا يقوم بنفسه وبمشيئته قدرته، وأنه لا تقوم به الأمور الاختيارية. وقالوا إنه لم يستوا على عرشه بعد ان خلق السماوات والأرض، ولا ياتى يوم القيامة، ولم يناد موسى حين ناداه، ولا تغضبه المعاصي ولا ترضيه الطاعات، ولا تفرحه توبة التائبين. وقالوا في قوله عز وجل: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} [التوبة ١٠٥] ونحو ذلك: إنه لا يراها إذا وجدت،

<<  <   >  >>