للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا أبا عبد الله، ما معنى قوله سبحانه {الرحمن على العرش استوى} [طه ٥] قال: إنه مستو على عرشه كما أخبر.

فقال الرجل: إنما معنى قوله ((استوى)) أى استولى. فقال له ابن الأعرابي: ما يدريك؟ العرب لا تقول استولى على الشئ فلان، حتى يكون له فيه مضاد فايهما غلب قيل: قد استولى عليه، والله تعالى لا مضاد له، فهو على عرشه كما أخبره (١) .

وقال الشيخ الأجل مسند الوقت أحمد ولى الله المحدث الدهلوى في التفهيمات وقد ذكر أنه قال: إن الله تعالى فوق العرش -: والتحقيق أن في هذه المسألة ثلاثة مقامات:

أحدها - البحث عما يصح إثباته للحق توفيقاً وعما لا يصح توفيقاً والحق في هذا المقام أن الله تعالى أثبت لنفسه جهة الفرق، وأن الأحاديث متظاهرة على ذلك. وقد نقل الترمذي ذلك عن الإمام مالك ونظراته.

ثانيها - أن العقل هل يحوز كون مثل هذا الكلام حقيقة أو يوجب حمله على المجاز؟

والحق في هذا المقام أن العقل يوجب أنه ليس على ظاهرة في نفس الأمر.

ثالثها - أنه هل يجب تأويله أو يحوز وقفه على ظاهرة من غير تعيين المراد؟ والحق فيه انه لم يثبت في حديث صحيح أو ضعيف أنه يجب تأويله، ولا أنه لا يجوز استعمال مثل تلك العبارات من الأمة إلى قوله. وهذا الذي حققناه هو مذهب الشيخ أبا الحسن الأشعري عند التحقيق، أقرأ ابو طاهر المدنى بخط أبيه أن الشيخ أبا الحسن قال في كتابه: إنى على مذهب احمد في مسالة الصفات، وأن الله فوق العرش.

وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله محمول على المقام الأول والثالث.


(١) قد أشرنا إلى كلام ابن الأعرابي في تفسير الاستواء فراجعه في تعليق ص ٣٩٣.

<<  <   >  >>