للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باطنه، وهو من جملة المتشابه الذى ذكره الله عز وجل في كتابه فقال: {هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات} الآية. فالمحكم منه يقع به العلم الحقيقى والعمل. والمتشابه يقع به الإيمان والعلم الظاهر، ويوكل باطنه إلى الله عز وجل، وهو معنى قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله} وإنما حظ الراسخين في العلم أن يقولوا آمنا به كل من عند ربنا.

وكذلك ما جاء في هذا الباب في القرآن، وقد زل بعض شيوخ أهل الحديث ممن يرجع إلى معرفته بالحديث والرجال فحاد عن هذه الطريقة حين روى حديث النزول، ثم اقبل على نفسه فقال: إن قال قائل: كيف ينزل ربنا إلى السماء؟ فقل له: ينزل كيف يشاء. فإن قال: هل يتحرك إذا نزل؟ فقل: إن شاء تحرك وإن شاء لم يتحرك. وهذا خطأ فاحش عظيم، والله تعالى لا يوصف بالحركة، لأن الحركة والسكون متعاقبان في محل واحد، وإنما يجوز أن يوصف بالحركة من يجوز أن يوصف بالسكون، وكلاهما من اعراض الحدث وأوصاف المخلوقين، والله تعالى متعال عنهما ليس كمثله شئ.

فلو جرى هذا الشيخ على طريقة السلف الصالح ولم يدخل نفسه فيما لا يعنيه لم يكن يخرج به القول إلى مثل هذا الخطأ الفاحش. وإنما ذكرت هذا لكي يتوقى الكلام فيما كان من هذا النوع، فإنه ر يثمر خيراً ولا يفيد رشداً. ونسأله تعالى العصمة من الضلال، والقول بما لا يجوز من الفاسد المحال.

وقيل: قد يكون النزول بمعنى إقبالك على الشئ لإرادة النية، وكذلك الهبوط والارتفاع والبلوغ والمصير، وأشباه هذا من الكلام.

وقال أبو منصور الخمساوى: سئل أبو حنيفة - رضي الله عنه - عن

<<  <   >  >>