للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعرشه فوق سبع سماوات. فقالت: قلت: فإن على العرش، ولكن لا أدرى، العرش في السماء أم في الأرض. فقال - رضي الله عنه -: هو كافر، لأنه أنكر أنه في السماء، ومن أنكر أنه في السماء فقد كفر. وزاد غيره: لأن الله تعالى في اعلى عليين، وهو يدعى من أعلى لا من أسفل. أنتهى.

وأيد القول بالفوقية أيضاً بان الله تعالى لما خلق الخلق لم يخلقهم في ذاته المقدسة تعالى عن ذلك فإنه الحد الصمد، الذى لم يلد ولم يولد، فتعين أنه خلقهم خارجاً عن ذاته، ولو لم يتصف سبحانه بفوقية الذات مع أنه قائم بنفسه غير مخالط للعالم لكان متصفاً بضد ذلك، لأن القابل للشئ لا يخلو منه أو من ضده، وضد الفوقية السفول، وهو مذموم على الإطلاق.

والقول بأنا لا نسلم أنه قليل للفوقية حتى يلزم من نفيها ثبوت ضدها مدفوع بانه سبحانه لو لم يكن قابلاً للعلو والفوقية لم يكن له حقيقة قائمة بنفسها، فمتى سلم بأنه جل شانه ذات قائم بنفسه غير مخالط للعالم، وأنه موجود في الخارج ليس وجوده ذهنياً فقط، بل وجوده خارج الأذهان قطعاً، وقد علم كل العقلاء بالضرورة أن ما كان وجوده كذلك فهو إما داخل العالم وإما خارج عنه، وإنكار ذلك إنكار ما هو أجلى البديهيات، فلا يستدل بدليل على ذلك إلا كان العلم بالمباينة اظهر منه وأوضح.

وإذا كانت صفة الفوقية صفة كمال لا نقص فيها ولا يوجب القول بها مخالفة كتاب ولا سنة ولا إجماع كان نفيها عين الباطل، ولا سيما والطباع مفطورة على قصد جهة العلو عند التضرع إلى الله تعالى.

وذكر محمد بن طاهر المقدسى أن الشيخ أبا جعفر الهمداني حضر مجلس إمام الحرمين وهو يتكلم في نفى صفة العلو ويقول: كان الله تعالى ولا عرش،

<<  <   >  >>