لزم تعطيل اللفظ وأنه غير جائز، وإلى نحو هذا ذهب الشيخ عز الدين بن عبد السلام فقال في بعض فتاويه: طريقة التأويل بشرطه - وهو قرب التأويل - أقرب إلى الحق، لأن الله تعالى إنما خاطب العرب بما يعرفونه، وقد نصب الأدلة على مراده من آيات كتابه، لأنه سبحانه قال:{ثم إن علينا بيانه} و {لتبين للناس ما نزل إليهم} . وهذا عام في جميع آيات القرآن، فمن وقف على الدليل أفهمه الله تعالى مراده من كتابه، وهو اكمل ممن لم يقف على ذلك، إذ لا يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وفيه توسط في المسألة.
وقد توسط ابن الهمام في المسايرة وقد بلغ رتبة الاجتهاد كما قال عصرينا ابن عابدين الشامي في رد المختار حاشية الدار المختار - توسطاً أخص من هذا التوسط، فذكر ما حاصله: وجوب الإيمان بأنه تعالى استوى على العرش مع نفى التشبيه كون المراد استولى فأمر جائز الإرادة لا وواجبها، إذ لا دليل عليه. وإذا خيف على العامة عدم فهمهم بالاستواء إذا لم يكن بمعنى الاستيلاء إلا بالاتصال ونحوه من لوازم الجسمية، فلا بأس بصرف فهمهم إلى الاستيلاء، فإنه قد يثبت إطلاقه عليه لغة في قوله:[طويل]
فلما علونا واستوينا عليهم جعلناهم مرعى لنسر وطائر
وقوله: قد أستوى بشر.. البيت المشهور.
وعلى نحو ما ذكر: كل ما ورد مما ظاهرة الجسمية في الشاهد كالأصبع والقدم واليد. ومخلص ذلك التوسط في القريب بين أن تدعو الحاجة إليه لخلل في فهم العوام وبين أن لا تدعو لذلك. ونقل أحمد زروق عن أبي حامد أنه قال: لا خلاف في وجوب التأويل عند تعين شبهه لا ترتفع إلا به. وأنت تعلم أن طريقة كثير من الأعلام وأساطين الإسلام - الإمساك عن التأويل مطلقاً مع نفي التشبيه والتجسيم، منهم الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك، والإمام أحمد، والإمام الشافعي، ومحمد بن الحسن، وسعد بن معاذ المروزى،