الله تعالى فوق الخلق للزم التجسيم والتحيز والجهة، وهم لا يعرفون حقائق هذه الألفاظ ولا ما أراد بها أصحابها.
فإن ذكر لفظ الجسم في أسماء الله تعالى وصفاته لم ينطق بها كتاب ولا سنة، ولا قالها أحد من سلف الأمة وأئمتها، ولم يقل أحد منهم إن الله تعالى جسم، ولا أن الله تعالى ليس بجسم، ولا أن الله تعالى جوهر، ولا أن الله تعالى ليس بجوهر. ولفظ الجسم لفظ مجمل، فمعناه في اللغة هو البدن. ومن قال: إن الله تعالى مثل بدن الإنسان فهو مفتر على الله عز وجل، بل من قال: إن الله تعالى يماثل شيئاً من مخلوقاته فهو مفتر على الله ضال. ومن قال: إن الله تعالى ليس بجسم وأراد بذلك أنه لا يماثل شيئاً من المخلوقات فالمعنى صحيح وإن كان اللفظ بدعة.
وأما من قال: إن الله تعالى ليس بجسم، وأراد بذلك أنه لا يرى في الآخرة، وأنه لم يتكلم بالقرآن العربي، بل القرآن العربي مخلوق، أو هو تصنيف جبريل عليه السلام أو نحو ذلك، فهو مفتر على الله فيما نفاه عنه وهذا أصل ضلال الجهمية من المعتزلة ومن وافقهم على مذهبهم.
فإنهم يظهرون للناس التنزيه وحقيقة كلامهم التعطيل، فيقولون: نجن لا نجسم بل نقول: الله ليس بجسم، ومرادهم بذلك نفي حقيقة أسمائه وصفاته فيقولون: ليس لله تعالى علم ولا قدرة. ولا حياة ولا كلام ولا سمع ولا بصر. ولا يرى في الآخرة، ولا عرج بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا تنزل منه شئ ولا يصعد إليه شئ، ولا يتجلى لشئ، ولا يقرب إلى شئ، ولا يقرب منه شئ، وأنه لم يتكلم بالقرآن بل القرآن مخلوق أو هو كلام جبريل عليه السلام، وأمثال ذلك من مقالات المعطلة الفرعونية الجهمية، والله تعالى يقول في كتابه:{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}[الأنعام ١٠٣] أى لا تحيط به.