للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان هو أعلاها وسقفها، وهو فوقها مطلقاًُ فلا يتوجه إليه وإلى ما فوقه الإنسان إلا من العلو. ومن توجه إلى الفلك الثامن أو التاسع مثلاً من غير جهة العلو بانفاق العقلاء، فكيف بالتوجه إلى العرش، أو إلى ما فوقه ‍! .

وغاية ما يقدر أن يكون كرى الشكل، والله تعالى محيط بالمخلوقات كلها إحاطة تليق بجلاله، فإن السماوات السبع والأرض في يده أصغر من الحمصة في يد أحدنا.

وأما قول القائل: إذا كان كرياً والله من ورائه محيط بائن عنه فما فائدة التوجه إلى العلو دون التحت، ومع هذا نجد في قلوبنا قصد العلو؟ فيقال: هذا إنما ورد لتوهم أن نصف الفلك يكون تحت الأرض وتحت ما على وجه الأرض من الآدميين والبهائم.

وهذا غلط، فلو كان الفلك تحت الأرض من جهة لكان تحتها من كل جهة، فكان يلزم أن يكون تحت الأرض مطلقاً. وهذا قلب للحقائق إذ الفلك هو فوق الأرض مطلقاً.

وأهل الهيئة يقولون: لو أن الأرض مخروقة إلى ناحية أرجلنا وألقى في الخرق شء ثقيل كالحجر ونحوه لكان ينتهى إلى المركز، حتى لو ألقى من تلك الناحية جحر آخر لالتقيا جميعاً في المركز، أى الذى هو النقطة المتوسطة في كرة الأرض.

ولو قدر إن إنسانين التقيا في المركز بدل الحجر لا لتقت رجلاهما ولم يكن أحدهما تحت الآخر، بل كلاهما فوق المركز وكلاهما تحت الفلك. وإذا كان مطلوب أحد ما فوق الفلك لم يطلبه إلا من الجهة العليا، لأن مطلوبه من تلك الجهة أقرب، لأنه لو قدر أن رجلاً أو ملكاً يصعد إلى السماء كان صعوده مما يلى، ولا يقول عاقل إنه يخرق الأرض ثم يصعد من تلك

<<  <   >  >>