للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وساقين ورجلين. وقالوا: ما سمعنا بذكر الرأس. وقالوا: يجوز أن يمس ويمس، ويدنى العبد من ذاته. وقال بعضهم، ويتنفس وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات فسموها بالصفات تسمية مبتدعة، لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل، لم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى، ولا إلى إلغاء ما يوجبه الظاهر من سمات الحدوث، ولم يقنعوا ان يقولوا صفة حتى قالوا صفات ذات، ثم لما أثبتوا أنها صفات ذات قالوا: لا نحملها على توجيه اللغة مثل: يديه على نعمته وقدرته، ولا المجئ ولا الإتيان على معنى بر ولطف، ولا ساق على شدة. بل قالوا: نحملها على ظواهرها، والظاهر المعهود من نعوت الآدميين والشئ إنما يحمل على حقيقته إذا امكن، وهو يتحرجون عن التشبيه، ويأنفون من إضافته إليهم، ويقولون: نحن أهل السنة.

وكلامهم صريح في التشبيه، وقد تبعهم خلق من العوام، فقد نصحت التابع والمتبوع، وقلت لهم: يا أصحابنا، أنتم أصحاب نقل واتباع، وإمامكم الأكبر احمد بن حنبل يقول وهو تحت السياط: كيف أقول ما لم يقل! فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس منه. ثم قلتم في الأحاديث: تحمل علي ظاهراه، وظاهر القدم الجارحة. فإنه لما قيل في عيسى روح اله اعتقدت النصارى أن الله سبحانه صفة هي روح ولجت في مريم ومن قال: استوى بذاته فقد أجراه مجرى الحسيات.

ينبغي ألا يهمل ما يثبت به الأصل وهو العقل، فإذا به عرفنا الله تعالى، وحكمنا له بالقدم. فلو أنكم قلتم: نقر الأحاديث ونسكت، ما أنكر عليكم احد، إنما حملكم إياها على الظاهر قبيح، فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ما ليس منه. ولقد كسيتم هذا المذهب شيئاً قبيحاً حتى لا يقال: حنبلى (١) إلا مجسم - إلى أن يقال - فرأيت الرد عليهم لازماً لئلا ينسب


(١) كذا في الأصل: ولعل ((ما)) ساقطة.

<<  <   >  >>