المواقف: إن الأكثرين جوزوا صدور الكبيرة يعنى ما عدا الكفر والكذب فيما دلت المعجزة على صدقهم عليه السلام فيه سهوا على سبيل الخطأ منهم.
وقال العلامة الشريف المختار خلافه. وذهب كثير إلى أن ما وقع صغيرة والآمر عليه هين، فإن الصغائر الغير المشعرة بالخسة تجوز - على ما ذكره العلامة الثاني في شرح العقائد - صدورها منهم عليه السلام عمداً بعد البعثة عند الجمهور، خلافاً للجبائي وأتباعه. ويجوز صدورها سهواً بالاتفاق.
لكن المحققين اشترطوا على أن ينتهوا على ذلك فينتهوا عنه.
نعم، ذكر في شرح المقاصد عصمتهم عن صدور ذلك عمداً. والأحوط نظراً إلى مقام آدم عليه السلام أن يقال: إن صدور ما ذكر منه كان قبل النبوة، وكان سهواً أو عن تاويل، إلا أنه عظم المر عليه وعظم لديه، نظراً إلى علو شانه، ومزيد فضل الله تعالى عليه وإحسانه. وقد شاع:((حسنات الأبرار سيئات المقربين)) . ومما يدل على استعظام ذلك منه لعلو شأنه عليه السلام ما اخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن ابي عبد الله المغربي قال: تفكر إبراهيم في شأن آدم عليها السلام فقال: يارب، خلقته بيدك، ونفخت فيه من روحك، وأسجدت له ملائكتك، ثم بذنب واحد ملأت أفواه الناس من ذكر معصيته)) ؟ فأوحى الله تعالى إليه ((يا إبراهيم، أما علمت أن مخالفة الحبيب على الحبيب شديدة)) ؟ .
وذكر بعضهم أن في استعظام ذلك منه عليه السلام زجراً بليغاً لأولاده عن أمثاله. وعلى العلات لا ينبغي لأحد أن ينسب إليه العصيان اليوم، وأن يخبر بذلك، إلا أن يكون تألياً لما تضمن ذلك، أو راوياً له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. واما أن يكون مبتدئاً من قبل نفسه فلا. وقد صرح أبو بكر بن العربي بعدم جواز نسبة العصيان للآباء الأدنين إلينا المماثلين لنا، فكيف يجوز لأبينا الأقدم، والنبي المقدم الأكرم؟ وارتضى