ذلك القرطبي، وادعى أن ابتداء الإخبار بشئ من صفات الله تعالى المتشابهة كاليد والنزول أولى بالمنع وعدم الجواز.
ثم إن ما وقع كان في الحقيقة بمحض قضاء الله تعالى وقدره، وإلا فقد روى عن أبي أمامه الباهلى والحسن: أن عقله عليه السلام مثل عقل جميع ولده. وعداوة إبليس عليه اللعنة له عليه السلام في غاية الظهور. وفي ذلك دليل على أنه لا ينتفع عقل، ولا يغني شئ في جنب تقدير الله تعالى وقضائه - أهـ.
وأنت تعلم ما ورد في القرآن الكريم بما يخالف كقصة إبراهيم عليه السلام وغيرها، وقد أوله العلماء المفسرون، والأئمة المدققون، فإن أردت الإحاطة فعليك بكتب التفسير والعقائد، ففيهما، يرتوى كل ظمآن وارد.
(واقول) : قد رمى حجة الإسلام الغزالي أيضاً بأكبر مارمى به الشيخ ابن تيمية في هذه المسالة الأصولية، حتى نسب إليه بعضهم تنقيص النبي المعصوم - صلى الله عليه وسلم -، ونسبوا ذلك الإمام إلى الكفر، وحاشاه في هذا المقام! فقد رأيت في فتوى الشيخ ابن تيمية أنه سئل عن رجلين تكلما في مسالة التكفير فقال أحدهما: إن من نقص الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتكلم بما يدل على النقص كفر، ولو كفرنا كل عالم بمثل ذلك لزم أن نكفر الإمام الغزالي، فإنه ذكر في بعض كتبه تخطئه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مسألة تأبير النخل، فهل يلزم من ذلك تنقيصه - أرواحنا له الفداء.
لم يلزم تعزيز من كفر العلماء؟ فأجاب بما ملخصه: إن كلام الغزالي المذكور ليس فيه تنقيص والعياذ بالله تعالى، لمقام سيد المرسلين، والنبي الأمين. ولا يجوز تكفير عالم من علماء المسلمين إذا اجتهد في مسألة واخطأ فيها، فإن تسليط الجهال على تكفير علماء الإسلام أعظم المنكرات.