وقد اتفق أهل السنة أن كل يؤخذ منه ويترك إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس كل من ترك كلامه لخطيئة يكفر أو يفسق، بل ولا يؤثم، وقال الله تعالى في دعاء المؤمنين:{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا او أخطأنا} الآية.
واتفق علماء المسلمين على انه لا يكفر أحد من علماء المسلمين المنازعين في عصمة الأنبياء عليهم السلام. فالذين قالوا: إنه يجوز عليهم الصغائر والخطأ، ,لا يقرون على ذلك لم يكفر أحد منهم بذلك، بإتفاق المسلمين فغن هؤلاء يقولون: إنهم معصومون من الإقرار على ذلك، ولو كفر هؤلاء لزم تكفير كثير من ائمة المذاهب الأربعة والأشعرية واهل الحديث والتفسير والصوفية، وهم ليسوا كفاراً باتفاق المسلمين، والذى حكاه عن الشيخ أبي حامد الغزالي قد قاله أيضاً الشيخ أبو حامد الأسفرايني، الذى هو غمام المذهب بعد الشافعي وابن سريج، وذلك قوله: إن عندنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يجوز عليه الخطا، كما يجوز علينا، لكن الفرق بيننا وبينه أن تقر عليه والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقر عليه، وإنما يسهوا ليسن لنا، كما روى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:((إنما أسهو لأسن لكم)) وهذه المسالة قد ذكرها في أصول الفقه جماعة من العلماء، منهم هذا الشيخ أبو حامد، وأبو الطبيب الطبرى، والشيخ أبو إسحاق الشيرازى، وغيرهم.
ومنهم من ادعى إجماع السلف على هذا القول، حق قال أبو الحسن الآمدى: إن أكثر الأشعرية والمعتزلة ليقولون بذلك، والمسالة عندهم من الظنيات، كما صرح بذلك الأستاذ أبو المعالى، فكيف يكفر علماء المسلمين مسائل الظنون، وذهابهم إلى عدم العصمة من الصغائر، وإلى الخطأ الذى لا يقرون عليه عليهم الصلاة والسلام، فمن نسب إلى هؤلاء الأئمة الكفر فعليه الإثم وشديد التعزير. أهـ.