للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك كثيرة، فمن وقف على هذه وامثالنا، تبين له ان الله سبحانه قد جعل من عباده في الأرض غياثاً يستغيث الناس بهم، لا مانع من ذلك عقلاً وشرعاً، لأن ذلك كله بإذن الله تعالى، ومن أقر بالكرامة لم يجد بداً من اعترافه بجواز ذلك وإن كانوا في برازخهم.

فقد ورد في حديث المعراج: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر على موسى وهو قائم يصلى في قبره، والصلاة تستدعى بدناً حياً، فنبينا - صلى الله عليه وسلم - أولى بهذه الحياة، والاستغاثة به في حياته - صلى الله عليه وسلم - ثابتة بالدعاء، فكذلك بعد انتقاله ورفاقه، والأحاديث الواردة في زيارة قبره عليه الصلاة والسلام التى تضمنت الوعد لمن زار قبره الشريف - صلى الله عليه وسلم - بالشفاعة التى تتضمن البشارة بالموت على التوحيد، وذلك يفيد نيل المزيد. فكل ذلك من ثمرات زيارته والتشفيع به، ولم يزل الناس في جميع الأزمان من جميع البلدان مجمعين على زيارة قبره المنيف، رجاء الخير والبركة، والطمع في الشفاعة، ولا فرق بين ذكر التوسل والاستغاثة والتشفع، والتوجه به - صلى الله عليه وسلم - أو بغيره من الأنبياء، وكذا الأولياء.

والاستغاثة: طلب الغوث. والمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث من غيره، وغن كان أعلى منه. فالتوجه والاستغاثة به - صلى الله عليه وسلم -، وبغيره ليس لها معنى في قلوب المسلمين غير ذلك. ولم يقصد بها احد سواه. فمن لم ينشرح صدره لذلك، فليبك على نفسه.

والمستغاث به في الحقيقة هو الله تعالى.

والنبي - صلى الله عليه وسلم - واسطه بينه وبين المستغيث، فهو سبحانه مستغاث، والغوث منه خلقاً وإيجاداً، والنبي - صلى الله عليه

<<  <   >  >>