فالجواب: إنه لا خلاف بين العلماء كلهم: أن الرجل إذا صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شئ وكذبه في آخر، أنه لم يدخل في الإسلام، كما إذا آمن ببعض القرآن وكفر ببعض، فما نحن فيه من هذا القبيل.
(فإن قلت) : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - مأذون بالشفاعة ونحن نطلبها ممن هو مأذون فيها.
(فالجواب) : أنه عليه الصلاة والسلام الآن موعود بالشفاعة في اليوم الآخر ووعد الله حق، لكنها مشروطة ببعد الإذن ورضاه عن المشفوع فيه، فينبغي لمن أراد أن يدعو بطلب الشفاعة أن يقول: اللهم لا تحرمنى شفاعته عليه الصلاة والسلام، اللهم شفعه في، وأمثال ذلك.
ولو كانت تطلب منه - صلى الله عليه وسلم - الآن لجاز لنا أن نطلبها أيضاً ممن وردت الشفاعة لهم، كالقرآن والملائكة والأفراط، وهم أطفال المؤمنين، والحجر الأسود، إذ قد روى أنه يشفع لمثل ربيعة ومضر، وبالصالحين، ولجاز لنا أن ندعوهم ونلتجئ إليهم ونرجوهم بهذه الشفاعة، إذ لا فرق بين الجمع بثبوت أصل الشفاعة لهم والإذن فيها، فنصير إذن والمشركون الولين في طريق واحد، ولم نفترق إلا بالأعمال الظاهرة: كالصوم والصلاة، وقول كلمة التوحيد من غير عمل بما فيها، ومن غير اعتقاد لحقيقتها.
ولا يقدم على ذلك من له أدنى مسكة من عقل، أو فكرة فيما صح من النقل.
ومن نظر بعين افنصاف، وتجنب سبيل الاعتساف، ونظر إلى ما كان عليه الأولون، وعرف كيف كان شركهم، وبماذا أرسل إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكيف التوحيد، وما معنى الإله والتأله، وتبصر في