للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال من جملة كلام طويل في فتاويه ما نصه: الثاني - أن يقال الميت أو للغائب من الأنبياء - عليهم السلام - والصالحين: أدع الله تعالى لي أو نحوه، فهذا مما لا يستريب عالم أنه غير جائز، وأنه من البدع التى لم يفعلها أحد من سلف الأمة وائمتها، وإن كان السلام على أهل القبور جائزاً، ومخاطبتهم جائزة، كما كان - صلى الله عليه وسلم - يعلم اصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)) وقال ابن عبد البر: ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه فيسلم عليه إلا رد الله عز وجل عليه روحه حتى يرد عليه السلام)) .

وفي سنن أبي داود عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله تعالى علي روحي حتى ارد السلام)) لكن ليس من المشروع أن يطلب منهم شيئاً.

وفي موطأ الإمام مالك: ((أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان يقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت، ثم ينصرف)) وكذلك أنس بن مالك وغيره من الصحابة - رضي الله عنه - نقل عنهم السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -. فإذا أرادوا الدعاء استقبلوا القبلة يدعون الله تعالى. لا يدعون وهم مستقبلو القبر المكرم، وإن كان قد وقع في ذلك بعض طوائف من الفقهاء والمتصوفة ومن العامة ومن لا اعتبار بهم. فإنه لم يذهب إلى ذلك إمام متبع في قوله، لا من له في الأمة لسان صدق، بل قد تنازع العلماء في السلام على النبي عليه افضل الصلاة والسلام، فقال أبو حنيفة: يستقبل القبلة، ويستدبر القبر الشريف.

وقال مالك والشافعي: بل يستقبل القبر، وعند الدعاء يستقبل القبلة، ويجعل القبر المكرم عن يساره أو عن يمينه، وهو الصحيح إذ لا محذور في ذلك.

<<  <   >  >>