للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى إن العدو الخارج عن شريعة الإسلام لما قدم دمشق الشام خرجوا يستغيثون بالموتى عند القبور، يرجون عندها كشف الضر.

وقال بعض الشعراء:

يا خائفين من التتر لو دوا بقبر أبي عمر

أو قال:

عوذوا بقبر أبي عمر ينجيكم من الضرر (١)

فقلت لهم: هؤلاء الذين تستغيثون بهم لو كانوا معكم في القتال لا نهزموا، كما أنهزم من المسلمين يوم أحد لما أراد الله سبحانه ذلك.

ولهذا كان أهل المعرفة بالدين والمكاشفة لم يقاتلوا في تلك المرة لعدم القتال الشرعي الذى أمر الله تعالى به ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. وما يحصل بذلك من الشر والفساد وانتفاء النصرة المطلوبة من القتال، فلا يكون فيه ثواب الدنيا ولا ثواب الأخرة لمن عرف هذا.

وإن كان كثير من المقاتلين الذين اعتقدوا هذا قتالاً شرعياً أخرجوا على نياتهم، فلما كان بعد ذلك جعلنا نأمر الناس بإخلاص الدين لله تعالى والاستغاثة به، وأنهم لا يستغيثون إلا به، ولا يستغيثون بملك مقرب، ولا نبي مرسل. فلما اصلح الناس أمورهم، وصدقا في الاستغاثة بربهم عز وجل نصرهم على عدوهم نصراً عزيزاً لم يتقدم نظيره، ولا انهزم التتار مثل هذه الهزيمة قبل ذلك، لما صح من توحيد الله تعالى وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ما لم يكن قبل ذلك. فإن الله ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويقوم الأشهاد. انتهى باقتصار.


(١) هكذا ورد هذا الشطر. وصحه إنشاده: ينجيكم من ذا الضرر. بزيادة لفظ ((ذا))

<<  <   >  >>