م هذه المسالة كره أن يقول الرجل: زرت قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو كان هذا اللفظ مشروعاً أو مأثوراً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكرهه عالم المدينة. والإمام أحمد - رضي الله عنه - أعلم الناس في زمانه بالسنة لما سئل عن ذلك لم يكن عنده ما يعتمد عليه في ذلك إلا حديث ابي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:((ما من رجل يسلم على إلا رد الله تعالى علي روحي حتى أرد عليه السلام)) . وعلى هذا اعتمد أبو داود في سننه، وكذلك مالك في الموطأ روى عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا دخل المسجد قال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا ابا بكر، السلام عليك يا أبت، ثم أنصرف.
وفي سنن ابي داود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:((لا تتخذوا قبرى عيداً وصلوا على أينما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني)) . وفي سنن سعيد بن منصور عن عبد الله بن حسين بن على بن ابي طالب رأى رجلاً يختلف إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو عنده، فقال: يا هذا، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((لا تتخذوا قبرى عيداً، صلوا على اينما كنتم فإن صلاتكم تبلغني)) فما أنت ورجل بالأندلس منه إلا سواء.
وكان الصحابة والتابعون لما كانت الحجرة النبوية منفصلة عن المسجد إلى زمن الوليد بن عبد الملك، لا يدخل أحد عنده لا لصلاة هناك ولا لمسح بالقبر، ولا لدعاء، بل هذا إنما يفعلونه في المسجد.
وكان السلف من الصحابة والتابعين إذا سلموا عليه وأرادوا الدعاء دعوا مستقبلين القبلة، ولم يستقبلوا القبر.
قال أكثر الأئمة: يستقبل القبر عند السلام خاصة، ولم يقل أحد من الأئمة أن يستقبل القبر عند الدعاء.