كلها - وضع الحل، فإذا وجد فالحكم له ولا التفات إلى غيره. وقد كان بين السلف نزاع في المتوفي عنها أنها أبعد الأجلين، ثم حصل الاتفاق على أنقضائها بوضع الحمل.
وأما عدة الوفاة فتجب بالموت، سواء دخل بها أو لم يدخل، كما دل عليه عموم القرآن والسنة الصحيحة واتفاق الناس، فإن الموت لما كان انتهاء العقد وانقضاءه واستقرت به الأحكام من التوراث واستحقاق المهر، وليس المقصود بالعدة ههنا مجرد استبراء بحيضة واحدة، ولا ستواء الصغيرة والأيسة وذوات القرء في مدتها. فلما كان الأمر كذلك قالت طائفة: هي تعبد محض لا يعقل معناه. وهذا باطل لوجوه:
منها - أنه ليس في الشريعة حكم واحد إلا وله معنى وحكمة، يعقله من عقله، ويخفى على من خفى عليه.
ومنها - أن العدة ليست من باب العبادات المحضة، فإنها تجب في حق الصغيرة والكبيرة، العاقلة، والمجنونة، والمسلمة والذمية، ولا تفتقر إلى نية.
ومنها - ان رعاية حق الزوجين والولد والزوج ظاهر فيها.
والصواب أن يقال: هي تحريم لانقضاء النكاح لما كمل. ولهذا تجد فيها رعاية لحق الزوج وحرمة له. ألا ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان من احترامه ورعاية حقوقه تحريم نسائه بعده، ولما كان نساؤه في الدنيا هن نساءه في الآخرة قطعاً لم يحل لأحد أن يتزوج بهن بعده بخلاف غيره، فإن هذا ليس معلوماً في حقه. فلو حرمت المرأة على غيره لتضررت ضرراً محققاً بغير نفع معلوم. ولكن لو تأيمت على أولادها كانت محمودة على ذلك. وقد كانوا في الجاهلية يبالغون في أحترام حق الزوج، وتعظيم حرمة هذا العقد غاية