للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن أحد من الصحابة أنه نهى أن يباع الحلى إلا بغير جنسه، أو بوزنه والمنقول عنهم إنما هو في الصرف، يوضحه: أن التحريم ربا الفضل، إنما كان سداً للذريعة كما تقدم بيانه، وما حرم سداً للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيحت العرايا من ربا الفضل، وكما أبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أبيح النظر للخاطب والشاهد، والطبيب والمعامل من جملة النظر المحرم.

وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجال حرم لسد ذريعة التشبيه بالنساء الملعون فاعله، وأبيح منه ما تدعو الحاجة إليه، وكذلك ينبغي أن يباح بيع الحلية المصنوعة صياغة مباحة أكثر من وزنها، لأن الحاجة تدعو إلى ذلك.

وتحريم التفاضل إنما كان سداً للذريعة. فهذا محض القياس، ومقتضى أصول الشرع، ولا تتم مصلحة الناس إلا به وبالحيل، والحيل باطلة في الشرع. وغاية ما في ذلك فعل الزيادة في مقابلة الصياغة المباحة المتقومة بالأثمان في المغصوب وغيرها. وإذا كان أرباب الحيل يجوزون بيع عشرة بخمسة عشر في خرقة تساوى فلساً، ويقولون: الخمسة في مقابلة الخرقة، فكيف ينكرون بيع الحلية بوزنها وزيادة تساوى الصياغة؟ وكيف تأتى الشريعة الكاملة الفاضلة التى بهرت العقول حكمة، وعدلاً، ورحمة وجلاله بإباحة هذا، وتحريم ذاك! وهل هذا إلا عكس العقول والفطر والمصلحة؟

والذى يقضى منه العجب مبالغتهم في ربا الفضل أعظم مبالغة، حتى منعوا بيع رطل زيت برطل زيت؟ وحرموا بيع الكسب والسمسم، وبيع النشا بالحنطة، وبيع الخل بالزبيب، ونحو ذلك. وحرموا بيع مد حنطة ودرهم. وجاءوا إلى ربا النسيئة ففتحوا للتحليل عليه كل باب، فتارة بالعينة وتارة بالمحلل، وتارة بالشرط المتقدم المتواطأ

<<  <   >  >>