للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه. ثم يطلقون العقد من غير اشتراط، وقد علم الله والكرام الكانبون، والمتعاقدون ومن حضر أنه عقد ربا، مقصوده وروحه بيع خمسة عشر مؤجلة بعشرة نقداً ليس. ودخول السلع كخروجها، حرف جاء لمعنى في غيره. فهلا فعلوا ههنا، كما فعلوا في مسألة مد عجوة ودرهم بمد ودرهم! .

وقالوا: قد يجعل وسيلة إلى الربا الفضل بان يكون المد في احد الجانبين يساوى بعض امد في الجانب الآخر فيقع التفاضل، فيالله العجب! كيف حرمت هذه الذريعة إلى ربا الفضل، وابيحت تلك الذرائع القريبة الموصلة إلى ربا النسيئة بحتاً خالصاً! وأين مفسدة بيع الحلية بجنسها، ومقابلة الصياغة بحظها من الثمن إلى مفسدة الحيل الربوية، التى هي أساس كل مفسدة، وأصل كل بلية، وإذا حصحص الحق، فليقل المتعصب الجاهل ما قال، وبالله تعالى التوفيق.

فإن قيل: الصفات لا تقابل بالزيادة، ولو قوبلت بها لجاز بيع الفضة باكثر منها من الرديئة، وبيع التمر الجيد بازيد منه من الردئ، ولما ابطل الشارع ذلك علم أنه منع من مقابلة الصفات بالزيادة.

قيل: الفرق بين الصفة التى هي أثر فعل الآدمي، وتقابل بالأثمان وتستحق عليها الأجرة، وبين الصفة التى حي مخلوقة لله سبحانه لا أثر للعبد فيها، ولا هي من صنعه. فالشارع بحكمته وعدله منع من مقابلة هذه الصفة بزيادة، إذ ذلك يفضى إلى نقص ما شرعه من المنع من التفاضل، فإن التفاوت في هذه الأجناس ظاهر، والعاقل لا يبيع جنساً بجنسه إلا لما بينهما من التفاوت، فإن كانا متساويين من كل وجه لم يفعل ذلك، فلو جوز لهم مقابلة الصفات بالزيادة لم يحرم عليهم ربا الفضل.

وهذا بخلاف الصناعة التى جوز لهم المعارضة عليها معه، يوضحه أن المعارضة إذا جازت على هذه الصياغة مفردة جازت عليها مضمونه إلى غير

<<  <   >  >>