وأعيب عندهم من دقة الصوت وضيق مخرجه وضعف قوته، أن يعتري الخطيب البهر والارتعاش، والرعدة والعرق.
قال أبو الحسن: قال سفيان بن عيينة: تكلم صعصعة عند معاوية فعرق، فقال معاوية: بهرك القول! فقال صعصعة: «إن الجياد نضاحة بالماء» .
والفرس إذا كان سريع العرق، وكان هشا، كان ذلك عيبا. وكذلك هو في الكثرة، فإذا أبطأ ذلك وكان قليلا قيل: قد كبا، وهو فرس كاب. وذلك عيب أيضا.
وأنشدني ابن الأعرابي، لأبي مسمار العكلي، في شبيه بذلك قوله:
لله در عامر إذا نطق ... في حفل أملاك وفي تلك الحلق «١»
ليس كقوم يعرفون بالسرق ... من خطب الناس ومما في الورق
يلفقون القول تلفيق الخلق ... من كل نضاح الذفارى بالعرق
إذا رمته الخطباء بالحدق
(والذفارى هنا: يعني بدن الخطيب. والذفريان للبعير، وهما اللحمتان في قفاه) .
وإنما ذكر خطب الأملاك لأنهم يذكرون أنه يعرض للخطيب فيها من الحصر أكثر مما يعرض لصاحب المنبر. ولذلك قال عمر بن الخطاب رحمه الله:«ما يتصعدني كلام كما تتصعدني خطبة النكاح» .
وقال العماني:
لا ذفر هش ولا بكابي ... ولا بلجلاج ولا هياب
الهش: الذي يجود بعرقه سريعا، وذلك عيب. والذفر: الكثير العرق.