للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء كلمع البرق جاش ناظرة ... يسبح أولاه ويطفو آخره

فما يمس الأرض منه حافره

قوله: جاش ناظره، أي جاش بمائه. وناظر البرق: سحابه. يسبح، يعني يمد ضبعيه، فإذا مدهما علا كفله. وقال الآخر:

إن سرك الأهون فابدأ بالأشد

وقال العجّاج:

مكّن السيف إذا السيف انأطر ... من هامة الليث إذا ما الليث هر

كجمل البحر إذا خاض جسر ... غوارب اليمّ إذا اليم هدر

حتى يقال حاسر وما حسر

قالوا: جمل البحر سمكة طولها ثلاثون ذراعا. يقول: هذا الرجل يبعد كما تبعد هذه السمكة بجسارة، لا يردها شيء، حتى يقال كاشف وما انكشف البحر.

يقال: البحر حاسر وجازر. يقول: حتى يحسب الناس من ضخم ما يبدو من هذا الجمل، أن الماء قد نضب عنه، وإن البحر حاسر. وقال آخر:

يا دار قد غيّرها بلاها ... كأنما بقلم محاها

أخربها عمران من بناها ... وكرّ ممساها على مغناها

وطفقت سحابة تغشاها ... تبكي على عراصها عيناها

قوله: أخربها عمران من بناها، يقول: عمّرها بالخراب. وأصل العمران مأخوذ من العمر، وهو البقاء، فإذا بقي الرجل في داره فقد عمرها. فيقول:

إن مدة بقائه فيها وقام مقام العمران في غيرها، سمي بالعمران. وقال الشاعر:

يا عجّل الرحمن بالعذاب ... لعامرات البيت بالخراب

يعني الفار. يقول: هذا عمرانها، كما يقول الرجل: «ما نرى من خيرك ورفدك، إلا ما يبلغنا من خطبك علينا، وفتّك في أعضادنا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>