للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكون له طبيعة في التجارة وليست له طبيعة في الفلاحة، وتكون له طبيعة في الحداء أو في التغيير، أو في القراءة بالألحان، وليت له طبيعة في الغناء وإن كانت هذه الأنواع كلها ترجع إلى تأليف اللحون. وتكون له طبيعة في الناي وليس له طبيعة في السرناي «١» ، وتكون له طبيعة في قصبة الراعي ولا تكون له طبيعة في القصبتين المضمومتين، ويكون له طبع في صناعة اللحون ولا يكون له طبع في غيرهما، ويكون له طبع في تأليف الرسائل والخطب والأسجاع ولا يكون له طبع في قرض بيت شعر. ومثل هذا كثير جدا.

وكان عبد الحميد الأكبر، وابن المقفع، مع بلاغة أقلامهما وألسنتهما لا يستطيعان من الشعر إلا ما يذكر مثله.

وقيل لابن المقفع في ذلك، فقال: الذي أرضاه لا يجيئني، والذي يجيئني لا أرضاه» .

وهذا الفرزدق وكان مستهترا بالنساء، وكان زير غوان، وهو في ذلك ليس له بيت واحد في النسيب مذكور، مع حسده لجرير. وجرير عفيف لم يعشق امرأة قط، وهو مع ذلك أغزل الناس شعرا.

وفي الشعراء من لا يستطيع مجاوزة القصيد إلى الرجز، ومنهم من لا يستطيع مجاوزة الرجز إلى القصيد، ومنهم من يجمعها كجرير وعمر بن لجأ، وأبي النجم، وحميد الأرقط، والعماني. وليس الفرزدق في طواله بأشعر منه في قصاره.

وفي الشعراء من يخطب وفيهم من لا يستطيع الخطابة، وكذلك حال الخطباء في قريض الشعر. والشاعر نفسه قد تختلف حالاته.

وقال الفرزدق: أنا عند الناس أشعر الناس وربما مرت علي ساعة ونزع ضرس أهون عليّ من أن أقول بيتا واحدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>