قال: ولما وفد الأحنف في وجوه أهل البصرة إلى عبد الله بن الزبير، تكلم أبو حاضر الأسيدي وكان خطيبا جميلا، فقال له عبد الله بن الزبير:
أسكت، فو الله لوددت أنّ لي بكل عشرة من أهل العراق رجلا من أهل الشام، صرف الدينار بالدرهم. قال: يا أمير المؤمنين، إن لنا ولك مثلا، أفتأذن في ذكره؟ قال: نعم. قال: مثلنا ومثلك ومثل أهل الشام، كقول الأعشى حيث يقول:
علّقتها عرضا وعلقت رجلا ... غيري وعلّق أخرى غيرها الرجل
أحبك أهل العراق، وأحببت أهل الشام، وأحب أهل الشام عبد الملك ابن مروان.
عليّ بن مجاهد «١» ، عن حميد بن أبي البختري قال: ذكر معاوية لابن الزبير بيعة يزيد، فقال ابن الزبير: إني أناديك ولا أناجيك، إن أخاك من صدقك، فانظر قبل أن تقدم، وتفكر قبل أن تندم، فإن النظر قبل التقدم، والتفكر قبل التندم» . فضحك معاوية ثم قال: تعلمت أبا بكر السّجاعة عند الكبر، إن في دون ما سجعت به على أخيك ما يكفيك. ثم أخذ بيده فأجلسه معه على السرير.
أخبرنا ثمامة بن أشرس، قال: لما صرفت اليمانية من أهل مزّة، الماء عن أهل دمشق، ووجهوه إلى الصحارى، كتب إليهم أبو الهيذام:«إلى بني استها أهل مزة، ليمسّينّني الماء أو لتصبحنكم الخيل» قال: فوافاهم الماء قبل أن يعتموا. فقال أبو الهيذام:«الصدق ينبي عنك لا الوعيد» . وحدثني ثمامة عن من قدم عليه من أهل دمشق قال: لما بايع الناس يزيد بن الوليد، وأتاه الخبر عن مروان بن محمد ببعض التلكؤ والتحبّس، كتب إليه: