للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله أمير المؤمنين يزيد بن الوليد، إلى مروان بن محمد. أما بعد فإني أراك تقدّم رجلا وتؤخر أخرى، فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيهما شئت. والسلام» .

وها هنا مذاهب تدل على أصالة الرأي، ومذاهب تدل على تمام النفس، وعلى الصلاح والكمال، لا أرى كثيرا من الناس يقفون عليها.

واستعمل عبد الملك بن مروان نافع بن علقمة بن نضلة، بن صفوان بن محرّث خال مروان، على مكة، فخطب ذات يوم وأبان بن عثمان بحذاء المنبر، فشتم طلحة والزبير، فلما نزل قال لأبان: أرضيتك من المدهنين في أمير المؤمنين؟ قال: لا والله ولكن سؤتني، حسبي أن يكونا شركا في أمره.

فما أدري أيهما أحسن كلاما: أبان بن عثمان هذا، أم إسحاق بن عيسى، فإنه قال: «أعيذ عليّا بالله أن يكون قتل عثمان، وأعيذ بالله أن يقتله علي» . فمدح عليّا بكلام سديد غير نافر، ومقبول غير وحشيّ، وذهب إلى معنى الحديث في قول رسول الله صلّى الله عليه وآله: «أشد أهل النار عذابا من قتل نبيا أو قتله نبيّ» . يقول: لا يتفق أن يقتله نبي بنفسه إلا وهو أشدّ خلق الله معاندة وأجرؤهم على معصية. وقال هذا: لا يجوز أن يقتله علي إلا وهو مستحق للقتل.

قال: خطب رسول الله صلّى الله عليه وآله بعشر كلمات: حمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

أيها الناس، إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم. إن المؤمن بين مخافتين: بين عاجل قد مضى لا يدري ما الله صانع به، وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه. فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الكبرة، ومن الحياة قبل الموت، فو الذي نفس محمد بيده، ما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار» .

<<  <  ج: ص:  >  >>