وأوصيته فيكم بخلاف ما أوصى به رسول الله صلّى الله عليه وآله في الأنصار. إن رسول الله صلّى الله عليه وآله أوصى أن يقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم، ألا وإني قد أوصيته ألا يقبل من محسنكم ولا يتجاوز عن مسيئكم. ألا وإنكم ستقولون بعدي مقالة ما يمنعكم من إظهارها إلا مخافتي. ستقولون بعدي: لا أحسن الله له الصحابة! ألا وإني معجل لكم الإجابة، لا أحسن الله عليكم الخلافة» . ثم نزل.
وكان يقول في خطبته:«أيها الناس، إن الكف عن محارم الله أيسر من الصبر على عذاب الله» .
وقال عمرو بن عبيد رحمه الله: كتب عبد الملك بن مروان وصية زياد بيده وأمر الناس بحفظها وتدبّر معانيها، وهي:«إن الله عزّ وجلّ جعل لعباده عقولا عاقبهم بها على معصيته، وأثابهم بها على طاعته، فالناس بين محسن بنعمة الله عليه، ومسيء بخذلان الله إياه. ولله النعمة على المحسن، والحجة على المسيء. فما أولى من تمت عليه النعمة في نفسه، ورأى العبرة في غيره، بأن يضع الدنيا بحيث وضعها الله فيعطي ما عليه منها، ولا يتكثر مما ليس له فيها، فإن الدنيا دار فناء، ولا سبيل إلى بقائها، ولا بد من لقاء الله عز وجل. فأحذركم الله الذي حذركم نفسه، وأوصيكم بتعجيل ما أخرته العجزة، قبل أن تصيروا إلى الدار التي صاروا إليها، فلا تقدروا فيها على توبة، وليست لكم منها أوبة. وأنا أستخلف الله عليكم، وأستخلفه منكم» .
وقد روي هذا الكلام عن الحجاج، وزياد أحق به منه.
قال جرير:
تكلّفني ردّ الفوائت بعدما ... سبقن كسبق السيف ما قال عاذله