على النار، ما فيه سفهاؤكم ويشتمل عليه حلماؤكم، من الأمور العظام ينبت فيها الصغير، ولا ينحاش «١» عنها الكبير، كأنكم لم تقرأوا كتاب الله، ولم تسمعوا ما أعدّ الله من الثواب الكريم لأهل طاعته، والعذاب الأليم لأهل معصيته، في الزمن السرمد الذي لا يزول، أتكونون كمن طرفت عينه الدنيا، وسدّت مسامعه الشهوات، واختار الفانية على الباقية، ولا تذكرون أنكم أحدثتم في الاسلام الحدث الذي لم تسبقوا إليه من ترككم الضعيف يقهر ويؤخذ ماله، وهذه المواخير المنصوبة والضعيفة المسلوبة في النهار المبصر، والعدد غير قليل. ألم تكن منهم نهاة تمنع الغواة عن دلج الليل وغارة النهار؟! أقربتم القرابة، وباعدتم الدين، تعتذرون بغير العذر، وتغضون على المختلس.
أليس كل امرىء منكم يذب عن سفيهه، صنع من لا يخاف عاقبة ولا يرجو معادا. ما أنتم بالحلماء، ولقد اتبعتم السفهاء، فلم يزل بكم ما ترون من قيامكم دونهم حتى انتهكوا حرم الاسلام، ثم اطرقوا وراءكم كنوسا في مكانس الريب. حرام عليّ الطعام والشراب حتى أسوّيها بالأرض، هدما واحراقا. إني رأيت آخر هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوّله: لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف. وإني أقسم بالله لآخذنّ الولي بالولي، والمقيم بالظاعن، والمقبل بالمدبر، والمطيع بالعاصي، والصحيح منكم في نفسه بالسقيم، حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول: أنج سعد فقد هلك سعيد، أو تستقيم لي قناتكم. إن كذبة المنبر بلقاء مشهورة، فإذا تعلقتم عليّ بكذبة فقد حلت لكم معصيتي، وإذا سمعتموها مني فاغتمزوها فيّ «٢» واعلموا أن عندي أمثالها. من نقب منكم عليه فأنا ضامن لما ذهب منه. فإياي ودلج الليل، فإني لا أوتى بمدلج إلا سفكت دمه. وقد أجلتكم في ذلك بمقدار ما يأتي الخبر الكوفة ويرجع اليكم. وإيّاي ودعوة الجاهلية، فإني لا آخذ داعيه بها إلا قطعت لسانه. وقد أحدثتم احداثا لم تكن، وقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة: فمن غرّق قوما غرّقناه، ومن أحرق قوما أحرقناه، ومن نقب بيتا نقبنا عن قلبه، ومن نبش