تعزية إمرأة للمنصور على أبي العباس مقدمه من مكة. قالت: أعظم الله أجرك، فلا مصيبة أجل من مصيبتك، ولا عوض أعظم من خلافتك.
وقال عثمان بن خريم للمنصور، حين عفا عن أهل الشام في أجلابهم مع عبد الله بن علي عمه: يا أمير المؤمنين: لقد أعطيت فشكرت، وابتليت فصبرت، وقدرت فغفرت.
وقال آخر: يا أمير المؤمنين، الإنتقام عدل، والتجاوز فضل، والمتفضل قد تجاوز حد المنصف. فنحن نعيذ أمير المؤمنين بالله أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين، دون أن يبلغ أرفع الدرجتين.
وقال آخر: من انتقم فقد شفي غيظ نفسه، وأخذ أقصى حقه. وإذا انتقمت فقد انتصفت، وإذا عفوت فقد تطوّلت. ومن أخذ حقه وشفي غيظه لم يجب شكره، ولم يذكر في العالمين فضله. وكظم الغيظ حلم، والحلم صبر، والتشفي طرف من العجز، ومن رضي ألا يكون بين حاله وبين حال الظالم إلا ستر رقيق، وحجاب ضعيف، فلم يجزم في تفضيل الحلم، وفي الإستيثاق من ترك دواعي الظلم. ولم تر أهل النهي والمنسوبين إلى الحجا والتقى. مدحوا الحلماء بشدة العقاب، وقد ذكروهم بحسن الصفح، وبكثرة الإغتفار، وشدة التغافل. وبعد فالمعاقب مستعد لعداوة أولياء المذنب، والعافي مستدع لشكرهم، آمن من مكافأتهم أيام قدرتهم، ولأن يثنى عليك بإتساع الصدر خير من أن يثنى عليك بضيق الصدر. على أن إقالتك عثرة عباد الله موجب لإقالتك عثرتك من رب عباد الله، وعفوك عنهم موصول بعفو الله عنك، وعقابك لهم موصول بعقاب الله لك.
وقالوا: الموت الفادح، خير من اليأس الفاضح.
وقال آخر: لا أقل من الرجاء. فقال آخر: بل اليأس المريح.
وقال عبد الله بن وهب الراسبي: إزدحام الجواب مضلة للصواب، وليس الرأي بالإرتحال، ولا الحزم بالإقتضاب، فلا تدعونك السلامة من خطأ موبق، أو غنيمة نلتها من صواب نادر، إلى معاودته، وإلتماس الأرباح من قبله. إن