وقيل لأعرابي: ما وراءك؟ قال:«خلفت أرضا تظالم معزاها» . يقول:
سمنت وأشرت فتظالمت.
وتقول العرب:«ليس أظلم من حية» وتقول: «هو أظلم من ورل» و «أظلم من ذئب» ، كما تقول:«اغدر من ذئب» ، وكما يقولون:«أكسب من ذئب» . قال الأسدي:
لعمرك لو أني أخاصم حية ... إلى فقعس ما أنصفتني فقعس
إذا قلت مات الداء بيني وبينهم ... أتى حاطب منهم لآخر يقبس
فما لكم طلسا إلي كأنكم ... ذئاب الغضى والذئب بالليل أطلس
وقال الفزاري:
ولو أخاصم أفعى نابها لثق ... أو الأساود من صمّ الأهاضيب
أو لو أخاصم ذئبا في أكيلته «١» لجاءني جمعهم يسعى مع الديب يقول: بلغ من ظلم قومنا لنا، أنّا لو خاصمنا الذئاب والحيات، وبهما يضربون المثل في الظلم، لقضوا لهما علينا.
وقالت العرب:«إذا شبعت الدقيقة لحست الجليلة» هذا في قلة العشب، إنما تلحسه الناقة لقلته وقصره.
وحدثنا أبو زياد الكلابي قال: بعث قوم رائدا لهم بعد سنين تتابعت عليهم، فلما رجع إليهم قالوا له: ما وراءك؟ قال:«رأيت بقلا يشبع منه الجمل البروك، وتشكت منه النساء، وهمّ الرجل بأخيه» .
أما قوله:«الجمل البروك» فيقول: لو قام قائما لم يتمكن منه لقصره. وأما قوله «وتشكت منه النساء» فإنه مأخوذ من الشكوة، وجمع الشكوة شكاء.
والشكوة: مسك السخلة ما دامت ترضع. والشكاء أصغر من الوطاب. يقول:
لم يكثر اللبن بعد فيمخض في الوطاب. وقوله:«وهمّ الرجل بأخيه» أي همّ