وسمع مؤرّج البصري رجلا يقول: أمير المؤمنين يردّ على المظلوم.
فرجع إلى مصحفه فرد على براءة:«بسم الله الرحمن الرحيم» .
وكان عبد الملك بن مروان في مرضه الذي مات فيه يعطش، وقيل له:
إن شربت الماء مت. فأقبل ذات يوم بعض العوّد، فقال: كيف حال أمير المؤمنين؟ فقال: أنا صالح والحمد لله. ثم أنشأ يقول:
ومستخبر عنا يريد بنا الردى ... ومستخبرات والدموع سواجم
ويلكم اسقوني ماء وإن كان فيه تلف نفسي. فشرب ثم مات.
وكان حبيب بن مسلمة الفهريّ رجلا غزّاء للترك، فخرج ذات مرة إلى بعض غزواته، فقالت له إمرأته: أين موعدك؟ قال: سرادق الطاغية أو الجنة إن شاء الله. قالت: إني لأرجو أن اسبقك إلى أيّ الموضعين كنت به. فجاء فوجدها في سرادق الطاغية تقاتل الترك.
ولما مدح الكميت بن زيد الأسدي مخلّد بن يزيد بن المهلب، فقال له ابن بيض: إنك يا أبا المستهلّ لكجالب التمر إلى هجر! قال: نعم، ولكن تمرنا أجود من تمركم.
وكان السيد الحميري «١» مولعا بالشراب، فمدح أميرا من أمراء الأهواز، ثم صار اليه بمديحه له، فلم يصل إليه. وأغبّ الشراب، فلما كان ذات يوم شرب ثم وصل إليه، فجلس من بعد، فقرّبه وشمّ منه ريح الشراب فقال: ما كنت أظن أبا هاشم يفعل هذا، ولكن يحتمل لمادح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أكثر من هذا- يمازحه- ثم قال: يا جارية هلمي الدواة. ثم كتب إلى بعض وكلائه:
ادفع إلى أبي هاشم مائتي دورق ميبختجا «٢» . فقال السيد: لقد كنت أظن الأمير أبلغ ما هو. قال: وأي شيء رأيت من العي؟ قال: جمعك بين حرفين