وقال اخر: كان شيخ يأتي ابن المقفع، فالح عليه يسأله الغداء عنده وفي ذلك يقول: إنك تظن أني أتكلف لك شيئا؟ لا والله لا اقدم إليك إلا ما عندي. فلما أتاه إذ ليس عنده إلا كسرة يابسة وملح جريش. ووقف سائل بالباب فقال له: بورك فيك! فلما لم يذهب قال: والله لئن خرجت إليك لأدقن ساقيك! فقال ابن المقفع للسائل: إنك لو تعرف من صدق وعيده مثل الذي أعرف من وعده لم تراده كلمة، ولم تقف طرفة.
قال: وكان يقال: أول العلم الصمت، والثاني الإستماع، والثالث الحفظ، والرابع العمل به، والخامس نشره.
وقال آخر: كان يقال: لا وحشة أوحش من عجب، ولا ظهير أعون من مشورة، ولا فقر أشد من عدم العقل.
وقال مورّق العجليّ: ضاحك معترف بذنبه، خير من باك مدلّ على ربه.
وقال: خير من العجب بالطاعة، ألا تأتي الطاعة.
وقال شبيب لأبي جعفر: إن الله لم يجعل فوقك أحدا، فلا تجعلنّ فوق شكرك شكرا.
وقال آخر لأبي جعفر في أول ركبة ركبها: إن الله قد رأى ألا يجعل أحدا فوقك، فتر نفسك أهلا ألا يكون أحد أطوع لله منك.
وسفه رجل على ابن له فقال له ابنه: والله لأنا أشبه بك منك بأبيك، ولأنت أشد تحصينا لأمي من أبيك لأمك.
وقال عمرو بن عبيد لأبي جعفر: إن الله قد وهب لك الدنيا بأسرها، فاشر نفسك منه ببعضها.
وقال الأحنف: ثلاثة لا أناة فيهن عندي. قيل: وما هن يا أبا بحر؟
قال: المبادرة بالعمل الصالح، وإخراج ميتك، وأن تنكح الكفء أيّمك.
وكان يقول: لأفعى تحكّك في ناحية بيتي أحب إلي من أيّم رددت عنها كفئا.